كيف تسميتم (١) بهذا الاسم؟ ومن سماك به؟ أنبيك سماك به؟.
قال : لا ، ولكن تراضوا الناس فولوني واستخلفوني.
فقال : أنت خليفة قومك لا نبيك (٢) ، وقد قلت إن النبي لم يوص إليك ، وقد وجدنا في كتب من (٣) سنن الأنبياء ، أن الله لم يبعث نبيا إلا وله وصي يوصي إليه (٤) ، ويحتاج الناس كلهم إلى علمه وهو مستغن عنهم ، وقد زعمت أنه لم يوص كما أوصت الأنبياء ، وادعيت أشياء لست بأهلها ، وما أراكم إلا وقد دفعتم نبوة محمد وقد أبطلتم سنن الأنبياء في قومهم.
قال : فالتفت (٥) الجاثليق إلى أصحابه وقال : إن هؤلاء يقولون إن محمدا لم يأتهم بالنبوة وإنما كان أمره بالغلبة ، ولو كان نبيا لأوصى كما أوصت الأنبياء ، وخلف فيهم كما خلفت الأنبياء من الميراث والعلم ، ولسنا نجد عند القوم أثر ذلك ، ثم التفت كالأسد ، فقال : يا شيخ! أما أنت فقد أقررت أن محمدا (٦) لم يوص إليك ولا استخلفك وإنما تراضوا الناس بك ، ولو رضي الله عز وجل برضى (٧) الخلق واتباعهم لهواهم واختيارهم لأنفسهم ما بعث الله النبيين مبشرين ومنذرين ، وآتاهم الكتاب والحكمة ليبينوا للناس ما يأتون ويذرون وما فيه يختلفون : ( لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ) (٨) فقد دفعتم النبيين عن رسالاتهم ، واستغنيتم بالجهل من اختيار الناس عن اختيار الله عز وجل الرسل للعباد ، واختيار الرسل لأمتهم ، ونراكم تعظمون بذلك الفرية على الله عز
__________________
(١) في المصدر : فكيف تسميت ..
(٢) في المصدر : لا خليفة نبيك.
(٣) لا توجد : كتب من ، في المصدر.
(٤) في إرشاد القلوب : يوصي به اليوم.
(٥) في المصدر : ثم التفت.
(٦) في المصدر : محمدا النبي.
(٧) في إرشاد القلوب : لرضى.
(٨) النساء : ١٦٥.