وقد تبين من تفاسيرهم وصحاحهم أن عمر (١) كان داخلا فيمن أريد بقوله تعالى : ( وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ) (٢) فيكون من الذين قال الله تعالى : ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلى حَرْفٍ فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ ) (٣) ، وقد علم ـ أيضا مما سبق ـ أن الصحابة ـ إلا الأصفياء منهم ـ لم يقدروا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حق قدره ، ولذلك مال طائفة إلى قول عمر وطائفة إلى قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وسووا بينه وبين عمر ، وجعلوه كواحد من المجتهدين والقائلين برأيهم ما شاءوا فجوزوا رد ما قضى به والإنكار لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
التخلف عن جيش أسامة.
ولا خلاف في أن عمر بن الخطاب كان من الجيش ، وقد لعن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم المتخلف عنه.
وقد سبق في مطاعن أبي بكر ما فيه كفاية في هذا المعنى ، ولا يجري هاهنا ما سبق من الأجوبة الباطلة في منع الدخول في الجيش ، فتوجه الطعن على عمر أظهر.
أنه بلغ في الجهل إلى حيث لم يعلم بأن كل نفس ( ذائِقَةُ الْمَوْتِ ) ، وأنه يجوز الموت على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأنه أسوة الأنبياء في ذلك ، فقال : والله
__________________
ـ في السبعة من السلف : ١٠٤ ـ ١٠٥.
(١) في (س) : أنه.
(٢) آل عمران : ١٥٩.
(٣) الحج : ١١.