ما مات حتى يقطع أيدي رجال وأرجلهم! ، فقال له أبو بكر : أما سمعت قول الله عز وجل : ( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ) (١) ، وقوله تعالى : ( وَما مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ ) (٢) قال : فلما سمعت ذلك أيقنت بوفاته ، وسقطت إلى الأرض ، وعلمت أنه قد مات (٣).
أقول : ويؤيد ذلك ما ذكره ابن الأثير في النهاية (٤) حيث قال : أسن الماء يأسن فهو آسن : إذا تغيرت ريحه ، ومنه حديث العباس في موت النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم ، قال لعمر : خل بيننا وبين صاحبنا ، فإنه يأسن كما يأسن الناس .. أي يتغير (٥) ، وذلك أن عمر كان قد قال : إن رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم لم يمت ولكنه صعق كما صعق موسى ومنعهم عن دفنه.
وأجاب عنه قاضي القضاة (٦) بأنه قد روي عن عمر أنه قال : كيف (٧)
__________________
(١) الزمر : ٣٠.
(٢) آل عمران : ١٤٤.
(٣) ويؤيده ما جاء في طبقات ابن سعد ٢ ـ ٥٤ ـ القسم الثاني ـ [٢٦٧] بسنده عن عائشة ، قالت : لما توفي رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم استأذن عمر والمغيرة بن شعبة فدخلا عليه ، فكشفا الثوب عن وجهه ، فقال عمر : وا غشيا! ما أشد غشي رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم ، ثم قاما فلما انتهيا إلى الباب قال المغيرة : يا عمر! مات والله رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. فقال عمر : كذبت ما مات رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم .. إلى أن قال : ثم جاء أبو بكر ـ وعمر يخطب الناس ـ فقال له أبو بكر : اسكت! ، فسكت ، فصعد أبو بكر : فحمد الله وأثنى عليه ثم قرأ : « إنك ميت وإنهم ميتون » ، ثم قرأ : « وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم » ... حتى فرغ من الآية ـ إلى أن قال ـ : فقال عمر : هذا في كتاب الله؟. قال : نعم .. الحديث.
ورواه بطريق آخر باختلاف في اللفظ. وأورده البخاري في صحيحه في باب مرض النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ووفاته ، وفيه : قال عمر : والله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها.
(٤) النهاية ١ ـ ٤٩ ـ ٥٠ ، وجاء بنصه في لسان العرب ١٣ ـ ١٦ و ١٨.
(٥) في (س) : يغير.
(٦) المغني ٢٠ ـ ٩ ـ القسم الثاني ـ ، ونقله ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ١٢ ـ ١٩٥ فما بعدها بتفاوت يسير ، وجاء في الشافي ٤ ـ ١٧٣ ـ ١٧٦.
(٧) في المصدر : روى عنه : كيف.