من المتعة ومنعها غير المعنى المعروف ، وإنما ذلك معنى تكلفه المتعصبون لضيق الخناق.
الثاني : أن روايات عمران بن حصين في أن : ما نهى عنه الرجل وقال فيه برأيه ما شاء ، هو المعنى المعروف ، وإيقاع العمرة في أشهر الحج ، وظاهر أن النهي عن المتعة والقول بالرأي فيها لم يكن من غير عمر ، ولذا لم يصرح عمران به تقية (١).
الثالث : أنه قد مر في رواية أبي موسى ، أنه علل عمر ما أحدثه في شأن النسك بقوله ، كرهت أن يظلوا معرسين .. وظاهر أن هذا التعليل يقتضي (٢) المنع عن المتعة بالمعنى المعروف ، والرواية صريحة في أن أبا موسى كان يفتي بالمتعة فحذره الرجل عن مخالفة عمر.
الرابع : أن رواية عمران بن سوادة صريحة في اعتراف عمر بأنه حرم المتعة في أشهر الحج معللا بما ذكر فيها ، وكذا رواية الترمذي عن ابن عمر صريحة في أنه نهى عن التمتع بالعمرة إلى الحج ، وكذا غيرهما مما سبق من الروايات.
الخامس : أنه لو كان ما نهى عنه وحرمه عمر أمرا منسوخا في زمن الرسول (ص) لأنكر على عمران بن سوادة قوله : لم يحرمهما رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ولا أبو بكر ، وقد صدقه وعلل التحريم بما سبق.
وبالجملة ، لا مجال للشك في أن ما حرمه عمر هو التمتع بالعمرة إلى الحج الذي صرحت روايات الفريقين (٣) بأنه حكمه باق إلى يوم القيامة ، وأنه للأبد ،
__________________
(١) وقد مرت القصة بمصادرها ، ونزيدها بما أخرجه القرطبي في تفسيره ٢ ـ ٣٦٥ ، وعد لها العلامة الأميني في غديره ٦ ـ ١٩٨ ـ ١٩٩ جملة من المصادر ، فلاحظ.
(٢) في ( ك ) : يقضي.
(٣) قد سلفت مجموعة كبيرة من الروايات بهذا المضمون كادت أن تكون متواترة ، انظر : صحيح النسائي ٢ ـ ٢٣ ، وصحيح ابن ماجة : ٢٢٠ أبواب المناسك ، صحيح أبي داود ١١ باب إفراد الحج ، مسند أحمد بن حنبل ١ ـ ٢٣٦ ، ٢٥٣ و ٢٥٩ و ٢٩٢ و ٣٦٦ و ٣٨٨ ، وغيرها من مواضع كتابه وكتب أخرى منهم.