إنه عطل حد الله في المغيرة بن شعبة لما شهدوا عليه بالزنا ، ولقن الشاهد الرابع الامتناع من الشهادة اتباعا لهواه ، فلما فعل ذلك عاد إلى الشهود وفضحهم وحدهم ، فتجنب أن يفضح المغيرة ـ وهو واحد وكان آثما ـ وفضح الثلاثة ، وعطل حد الله ووضعه في غير موضعه.
قال ابن أبي الحديد (١) : ـ روى الطبري في تاريخه (٢) ، عن محمد بن يعقوب بن عتبة ، عن أبيه ، قال : كان المغيرة يختلف إلى أم جميل ـ امرأة من بني هلال بن عامر ـ وكان لها زوج من ثقيف هلك قبل ذلك يقال له : الحجاج بن عبيد ، وكان المغيرة ـ وهو أمير البصرة ـ يختلف إليها سرا ، فبلغ ذلك أهل البصرة فأعظموا ، فخرج المغيرة يوما من الأيام (٣) فدخل عليها ـ وقد وضعوا عليهما الرصد ـ فانطلق القوم الذين شهدوا عند عمر فكشفوا الستر فرأوه قد واقعها ، فكتبوا بذلك إلى عمر ، وأوفدوا إليه بالكتاب أبا بكرة ، فانتهى أبو بكرة إلى المدينة ، وجاء إلى باب عمر فسمع صوته وبينه وبينه حجاب ، فقال : أبو بكرة؟. فقال : نعم. قال : لقد جئت لشر!. قال : إنما جاء به (٤) المغيرة .. ثم قص عليه القصة وعرض عليه الكتاب ، فبعث (٥) أبا موسى عاملا وأمره أن يبعث إليه المغيرة ، فلما دخل أبو موسى البصرة وقعد في الإمارة أهدى إليه المغيرة عقيلة (٦) ، وقال : وإنني قد رضيتها
__________________
(١) شرح ابن أبي الحديد ١٢ ـ ٢٣١ ـ ٢٣٤ [ ٣ ـ ١٦١ أربع مجلدات ] بتصرف.
(٢) تاريخ الطبري ٤ ـ ٢٠٧ [ ٣ ـ ١٦٨ ] باختصار واختلاف يسير.
(٣) في الشرح زيادة : إلى المرأة.
(٤) في الطبري : بي ، بدلا من : به.
(٥) في الطبري زيادة : عمر.
(٦) جاء في حاشية ( ك ) ما يلي : قال الفيروزآبادي : العقيلة ـ كسفينة ـ الكريمة المخدرة ، ومن القوم :سيدهم ، ومن كل شيء : أكرمه.
وقال : الغرمول ـ بالضم ـ : الذكر.