أهل البصرة : أما بعد ، فإني قد بعثت أبا موسى أميرا عليكم ليأخذ لضعيفكم من قويكم ، وليقاتل بكم عدوكم ، وليدفع عن ذمتكم ، وليجبي (١) لكم فيئكم ، وليقسم فيكم (٢) ، وليحمي لكم طرقكم (٣).
فأهدى إليه المغيرة وليدة من مولدات الطائف تدعى : عقيلة ، فقال : إني قد رضيتها لك ـ وكانت فارهة ـ ، وارتحل المغيرة وأبو بكرة ونافع بن كلدة وزياد وشبل بن معبد البجلي حتى قدموا على عمر ، فجمع بينهم وبين المغيرة ، فقال المغيرة : يا أمير المؤمنين! سل هؤلاء الأعبد كيف رأوني مستقبلهم أم مستدبرهم؟ فكيف رأوا المرأة وعرفوها؟ فإن كانوا مستقبلي فكيف لم أستتر! وإن كانوا مستدبري فبأي شيء استحلوا النظر إلي في منزلي على امرأتي! والله ما أتيت إلا امرأتي ، فبدأ بأبي بكرة فشهد عليه أنه رآه بين رجلي أم جميل ، وهو يدخله ويخرجه (٤) ، قال عمر : كيف رأيتهما؟. قال : مستدبرهما. قال : كيف استبنت (٥) رأسها؟. قال : تخافيت (٦). فدعا بشبل بن معبد فشهد مثل ذلك ، وقال : استقبلتهما واستدبرتهما (٧) ، وشهد نافع بمثل شهادة أبي بكرة ، ولم يشهد زياد بمثل شهادتهم ، قال : رأيته جالسا بين رجلي امرأة ، ورأيت قدمين مرفوعين يخفقان (٨) ، واستين
__________________
(١) في (س) : ولتجئ. وفي الطبري : وليحصي.
(٢) في (س) : طرفكم. وفي الطبري : لينقي لكم طرقكم.
(٣) في الطبري : ثم ليقسمه بينكم ولينقي ..
(٤) في الطبري زيادة : كالميل في المكحلة.
(٥) في المصدر والشرح : فكيف استثبت.
(٦) في شرح النهج : تجافيت. وفي الطبري : تحاملت.
(٧) في الطبري : فقال : استدبرتهما أو استقبلتهما؟. قال : استقبلتهما.
(٨) جاء في حاشية ( ك ) : خفقت الراية : اضطربت وتحركت. وفي الطبري : قدمين مخضوبتين تخفقان. وحفز المرأة ـ بالحاء المهملة والزاي المعجمة ـ : جامعها ، وكذا بالمهملتين.
وفي النهاية : الحفز : الحث والإعجال ، ومنه حديث أبي بكرة ، أنه دب إلى الصف راكعا وقد حفزه النفس. وقال الراجز : الحفز : النفس الشديد المتتابع الذي كأنه يدفع من سياق. [ منه ( رحمهالله ) ].