بل كان الواجب عليه (١) أن يرد عليها ويوبخها ويعرفها أنه ما حظر ذلك وإنما تكون الآية حجة عليه لو (٢) كان حاظرا مانعا.
وأما التواضع فلا يقتضي إظهار القبيح وتصويب الخطإ ، إذ (٣) لو كان الأمر على ما توهمه المجيب (٤) لكان (٥) هو المصيب والمرأة مخطئة ، وكيف يتواضع بكلام يوهم أنه المخطئ وهي المصيبة؟ انتهى.
أقول : ومما يدل على بطلان كون هذا (٦) الأمر للاستحباب ما رواه ابن أبي الحديد (٧) في شرح نهج البلاغة أنه خطب فقال : لا يبلغني أن امرأة تجاوز صداقها صداق زوجات رسول الله (٨) صلى الله عليه [ وآله ] إلا ارتجعت ذلك منها ، فقامت إليه امرأة فقالت : والله ما جعل الله ذلك لك (٩) ، إنه تعالى يقول : ( وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً ) ... (١٠) ، فقال عمر : لا تعجبون (١١) من إمام أخطأ وامرأة أصابت ، ناضلت إمامكم فنضلته! (١٢).
والمناضلة : المغالبة في الرمي ، ونضلته .. أي غلبته فيه (١٣) ، فإن كراهة
__________________
(١) لا توجد : عليه ، في المصدر.
(٢) في ( ك ) : ولو.
(٣) في الشافي : الواو ، بدلا من : إذ.
(٤) في المصدر : صاحب الكتاب.
(٥) في (س) : لو كان.
(٦) لا توجد : هذا ، في (س).
(٧) شرح النهج لابن أبي الحديد ١ ـ ١٨٢ [ ١ ـ ٦١ ] ، وأشار إليه في ١٢ ـ ٢٠٨ [ ٣ ـ ٩٦ ] ، وغيرها من الموارد. وقريب منه في تفسير الخازن ١ ـ ٣٥٣ ، وتفسير القرطبي ٥ ـ ٩٩ ، والأربعين للرازي : ٤٦٧ ، والتمهيد للباقلاني : ١٩٩ ، وغيرهم.
(٨) في المصدر : صداق نساء النبي.
(٩) في شرح النهج : فقالت له امرأة : ما جعل لك ذلك.
(١٠) النساء : ٢٠.
(١١) في المصدر : فقال : كل الناس أفقه من عمر حتى ربات الحجال ، ألا تعجبون ، وهو الظاهر.
(١٢) في شرح النهج : فاضلت إمامكم ففضلته.
(١٣) كما في المصباح المنير ٢ ـ ٣١٧ ، وانظر : مجمع البحرين ٥ ـ ٤٨٤ ، والصحاح ٥ ـ ١٨٣١ ،