الآية ، فقال عمر : كل الناس أفقه منك يا عمر! (١) ، ورجع عن كراهة المغالاة.
ثم قال (٢) : وعندي أن الآية لا دلالة فيها على جواز المغالاة (٣) ، لأنه لا يلزم من جعل الشيء شرطا لآخر (٤) كون ذلك الشرط جائز الوقوع في نفسه ، كما يقول (٥) الرجل : لو كان الإله جسما لكان محدثا ، انتهى.
والظاهر أنه حذف منها ارتجاع المهر دفعا للطعن بذلك ، وليتمكن من حملها على الكراهة ، إلا (٦) أنه مع قطع النظر عنه لا يدفع الطعن ، فإن الآية ـ بعد تسليم دلالتها على جواز إيتاء القنطار ـ لا شك في عدم دلالتها على نفي كراهة المغالاة ، فرجوع عمر عن القول بالكراهة ـ كما اعترف به ـ واعترافه بالخطإ بما تلت (٧) عليه المرأة دليل واضح على جهله ، ولو حمل منعه على التحريم لم يظهر جهله بتلك المثابة ، وإن كان أفحش في مخالفته الشرع ، فظهر أن الحمل على الكراهة ( لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ )
والظاهر من رواية ابن أبي الحديد أنه منع من المغالاة على سبيل الاجتهاد ، لظنه أنه مثمر للعداوة في قلب الزوج ، فرجوعه عن ذلك القول ـ بعد سماع الآية كما دلت عليه الروايات ـ يدل على جواز الاجتهاد في مقابلة النص ، وإلا لما اعترف بالخطإ ولم يرجع عن قوله ، ولو جاز فرجوعه عن اجتهاده (٨) بسماع الآية دليل واضح على جهله ، فظهر توجه الطعن سواء كانت المغالاة مباحة أو محرمة أو مكروهة.
__________________
(١) في تفسير الفخر : أفقه من عمر.
(٢) الفخر الرازي في تفسيره ١٠ ـ ١٣ ـ ١٤.
(٣) هنا سقط جاء في المصدر.
(٤) في التفسير : لشيء آخر.
(٥) في المصدر : الشرط في نفسه جائز الوقوع ، وقد يقول : .. وقبلها سقط جاء فيه ، فلاحظ.
(٦) في ( ك ) : لا.
(٧) الكلمة في المطبوع مشوشة وما أثبتناه أولى ، وقد تقرأ : قلت ، ولا معنى لها.
(٨) في (س) : اجتهاد ، ـ بلا ضمير ـ.