وأجيب (١) بأن للإمام أن يجتهد في إزالة المنكر بهذا الجنس من الفعل ، وإنما لحقه الخجل .. (٢) لأنه لم يصادف الأمر على ما ألقي إليه في إقدامهم على المنكر.
وأجاب السيد المرتضى (٣) رضوان الله عليه ب : أن التجسس محظور (٤) بالقرآن والسنة ، وليس للإمام أن يجتهد فيما يؤدي إلى مخالفة الكتاب والسنة ، وقد كان يجب ـ إن كان هذا عذرا صحيحا ـ أن يعتذر به إلى من خطأه في وجهه ، وقال له : إنك أخطأت السنة من وجوه ، فإنه بمعاذير نفسه أعلم من غيره (٥) ، وتلك الحال حال (٦) تدعو إلى الاحتجاج وإقامة العذر ، وكل هذا تلزيق وتلفيق. انتهى.
ولا يخفى أن قولهم : إنما لحقه الخجل لعدم مصادفته الأمر على ما ألقي إليه .. مخالف لما رواه ابن أبي الحديد (٧) وغيره كما عرفت.
__________________
الإبل في بطوننا أن تؤذينا ، فمن رابه من شرابه شيء فليمزجه بالماء!. وأورد الهندي في كنزه ، والطبراني في الجامع الكبير ٦ ـ ١٥٦ ، وابن عبد البر في العقد الفريد ٣ ـ ٤١٦ ، وغيرهم أنه شرب وشرب إلى أن مات ، فها هم يقولون : وكان يشرب النبيذ الشديد إلى آخر نفس لفظه. قال عمر ابن ميمون : شهدت عمر حين طعن أتي بنبيذ فشربه .. ولاحظ ما أورده الجصاص في أحكام القرآن ٢ ـ ٥٦٥ ، بل جاء في جامع مسانيد أبي حنيفة ٢ ـ ١٩٢ أنه كان يحب الشراب الشديد ، وعنه قوله في الخمر : هكذا فاكسروه بالماء إذا غلبكم شيطانه. وجاء في سنن النسائي ٨ ـ ٣٢٦ عنه : إذا خشيتم من نبيذ شدته فاكسروه بالماء .. وغيرها ، هذا مع تواتر نصوص الفريقين ـ كما في سنن أبي داود ٢ ـ ١٢٩ ، ومسند أحمد ٢ ـ ١٦٧ ، ٣ ـ ٣٤٣ ، وصحيح الترمذي ١ ـ ٣٤٢ ، وسنن ابن ماجة ٢ ـ ٣٣٢ ، وسنن النسائي ٨ ـ ٣٠ ، وسنن البيهقي ٨ ـ ٢٩٦ ، وغيرهم كثير ـ مع أن : ما أسكر كثيره فقليله حرام .. وغيره من نصوص الباب.
(١) والمجيب : هو القاضي في المغني ٢٠ ـ ١٤ ـ القسم الثاني ـ.
(٢) في المصدر زيادة : على ما روي في الخبر. وفي الأصل : على ما يروى.
(٣) في الشافي ٤ ـ ١٨٥.
(٤) في المصدر : فأما التجسس فهو محظور.
(٥) في (س) : من غيرها. وفي المصدر : من صاحب الكتاب.
(٦) لا توجد : حال ـ الثانية ـ ، في المصدر.
(٧) في شرح النهج ١٢ ـ ١٨.