ثم إنهم عدوا من فضائل عمر (١) أنه أول من عس في عمله نفسه ، لزعمهم أن ذلك أحرى بسياسة الرعية ، وقد ظهر من مخالفته لصريح الآية أنه من جملة مطاعنه ، ولو كان خيرا لما تركه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولكان الله تعالى يأمر بذلك ، فعدهم ذلك من فضائله ترجيح لرأي عمر على ما قضى الله ورسوله به ، وهل هذا إلا كفر صريح؟!.
ما ورد في جميع صحاحهم ـ وإن لم يتعرض له أكثر أصحابنا ، وهو عندي من أفحش مطاعنه وأثبتها ـ وهو أنه ترك الصلاة لفقد الماء ، وأمر من أجنب ولم يجد الماء أن لا يصلي من غير استناد إلى شبهة ، كما روى البخاري (٢) ومسلم (٣) وأبو داود (٤) والنسائي (٥) وصاحب جامع الأصول (٦) ، عن شقيق قال : كنت جالسا مع عبد الله وأبي موسى الأشعري ، فقال له أبو موسى (٧) : لو أن رجلا أجنب ولم يجد الماء شهرا (٨) أما كان يتيمم ويصلي؟! و (٩) كيف تصنعون بهذه الآية في سورة
__________________
(١) كما في كتاب الأوائل للعسكري : ١٠٥ ـ ١٠٨ ، وذكر قصصا ظريفة عن الخليفة ، كما وقد عد ابن الجوزي هذه المخزاة من مناقب وفضائل عمر! وتبعه شاعر النيل حافظ إبراهيم في قصيدته العمرية ، كما جاء في ديوانه المطبوع سنة ١٩٣٧ م.
(٢) صحيح البخاري ١ ـ ٣٨٥ كتاب التيمم باب إذا خاف الجنب على نفسه وأبواب أخر.
(٣) صحيح مسلم كتاب الحيض باب التيمم حديث ٣٦٨.
(٤) سنن أبي داود حديث ٣٢١ كتاب الطهارة باب التيمم.
(٥) النسائي ١ ـ ١٧٠ كتاب الطهارة باب تيمم الجنب.
(٦) جامع الأصول ٧ ـ ٢٥٢ ـ ٢٥٤ حديث ٥٢٨٩ باختلاف أشرنا إلى غالبه.
(٧) في المصدر زيادة : أرأيت يا أبا عبد الرحمن.
(٨) هنا سقط جاء في المصدر وهو : كيف يصنع بالصلاة؟ فقال عبد الله : لا يتيمم وإن لم يجد الماء شهرا. فقال أبو موسى : فكيف بهذه .. ولا توجد فيه : أما كان يتيمم ويصلي وكيف تصنعون؟.
(٩) لا توجد الواو في ( ك ).