وقوله : إن الخطأ في ذلك لا يعظم فيمنع من صحة الإمامة .. اقتراح (١) بغير حجة ، لأنه إذا اعترف بالخطإ فلا (٢) سبيل للقطع (٣) على أنه صغير. انتهى كلامه قدسسره.
أقول : ويرد على ما ذكره من أن الأمر في حد المجنون مقام الاشتباه فلا طعن في جهل عمر به ، وأن يرجع فيه إلى غيره .. أنه لو كانت الشبهة لعمر ما ذكره ، لكانت القصة دليلا على جهله من وجه آخر ، وهو أنه إذا زعم عمر أن رفع القلم إنما يستلزم زوال التكليف دون إجراء الحكم (٤) ـ كما صرح به ـ كيف يكون تذكير أمير المؤمنين عليهالسلام إياه بالحديث النبوي دافعا للشبهة ، وإنما النزاع حينئذ في دلالة الخبر على عدم جواز إجراء الحد عليه ، فرجوع عمر عند سماعه عما زعمه دليل واضح على غاية جهله ، فإن ذكر الرواية حينئذ ليس إلا من قبيل إعادة المدعى.
ثم اعلم أن الظاهر من كلام القاضي وغيره في هذا المقام عدم تجويز الخطإ الفاحش على الإمام وإن جوزوا عليه الخطأ في الاجتهاد ، ولعلهم لم يجوزوا ذلك لكونه كاشفا عن عدم أهلية صاحبه (٥) للاجتهاد ، إذ ليس أهلية الاجتهاد غالبا مما يقوم عليه دليل سوى الآثار الدالة عليها ، وظاهر أن الأوهام الفاضحة كاشفة عن عدم تلك الأهلية ، فهي معارضة لما يستدل به عليها ، ولذا تشبث القاضي في مقام الجواب بكون الأمر في رجم المجنونة مشتبها ، واستند إلى عدم دلالة قوله عليهالسلام : رفع القلم عن المجنون .. على عدم إجراء الحكم ، إذ يمكن أن يكون المراد به زوال التكليف فقط ، وقد عرفت أن ذلك لا يصلح منشأ للاشتباه ، لكون
__________________
(١) في الشافي زيادة : فقد بينا أنه ، قبل كلمة : اقتراح.
(٢) لا توجد : فلا ، في (س).
(٣) في المصدر : إلى القطع.
(٤) في (س) : العلم ، بدل : الحكم ، وهو سهو.
(٥) في (س) : صاحب ـ بلا ضمير ـ ، وهو خلاف الظاهر.