إظهار فضله فلم يظفروا له على استنباط لطيف واستخراج دقيق في مسألة واحدة يدل على جودة قريحته وذكاء فطرته ، وليس ما رووا عنه إلا من محاورات العوام ومحاضرات الأوغاد والطغام (١).
ما رواه البخاري (٢) ومسلم (٣) وغيرهما (٤) بعدة طرق ، عن عبيد بن عمير وأبي موسى الأشعري ، قال : استأذن أبو موسى على عمر فكأنه وجده مشغولا فرجع ، فقال عمر : ألم تسمع صوت عبد الله بن قيس؟ ، ائذنوا له ، فدعي له (٥) ، فقال : ما حملك على ما صنعت؟. فقال : إنا كنا نؤمر بهذا. فقال : فائتني على (٦) هذا ببينة (٧) أو لأفعلن بك (٨)! ، فانطلق إلى مجلس من الأنصار ، فقالوا : لا يشهد لك إلا أصاغرنا (٩) ، فقام أبو سعيد الخدري فقال : قد كنا نؤمر بهذا. فقال عمر :
__________________
الحكمية : ٥٣ ، وقريب منها في كنز العمال ٣ ـ ٩٦.
أقول : هناك جملة وقائع رائعة لقضاء أمير المؤمنين عليهالسلام ووقوفه أمام جهل الخلفاء وتعسفهم تجدها في الطرق الحكمية لابن القيم وغيره ، فراجع.
(١) الوغد : الأحمق الضعيف الرذل الدني ، أو الضعيف جسما ، وجمعه أوغاد ، كما في القاموس ١ ـ ٣٤٦. والطغام ـ كسحاب ـ : أوغاد الناس ، ذكره الفيروزآبادي في القاموس المحيط ٤ ـ ١٤٤.
(٢) صحيح البخاري ٣ ـ ٨٣٧ [ طبعة الهند ].
(٣) صحيح مسلم ٢ ـ ٢٣٤ كتاب الآداب.
(٤) كما جاء في مسند أحمد بن حنبل ٣ ـ ١٩ ، وسنن الدارمي ٢ ـ ٢٧٤ ، وسنن أبي داود ٢ ـ ٣٤٠ ، ومشكل الآثار ١ ـ ٤٩٩ ، وغيرها.
(٥) في المصدر : به ، بدلا من : له.
(٦) لا توجد : على ، في (س).
(٧) في بعض المصادر : لتقيمن على هذا بينة أو لأفعلن. وفي لفظ : فو الله لأوجعن ظهرك وبطنك ، وفي لفظ الطحاوي : والله لأضربن بطنك وظهرك أو لتأتيني بمن يشهد لك.
(٨) في المصادر زيادة : فخرج.
(٩) جاءت العبارة في المصادر هكذا : لا يشهد لك على هذا إلا أصغرنا.