كون جهة التجرّي مغلوبة دائما.
ففيه : ما لا يخفى على الناظر إلى كلامه مضافا إلى ما في نفس هذه الدّعوى.
ثانيهما : أنّه لا معنى للحكم بتأكّد التجرّي وضعفه ـ بحسب مصادفته للمكروه أو المستحب من حيث الجهة المقتضية لحرمته ـ ضرورة أنّ الجهات المقتضية للوجوب والحرمة مع الجهات المقتضية للاستحباب والكراهة ليستا من الأقل والأكثر ، ولا معنى للحكم بحصول القوّة أو الضّعف لجهاتهما من جهة المصادفة بجهات الحكم الغير الالزامي أو المخالفة لها ، وإلاّ لأمكن الحكم برفع جهة الحرمة من جهة المعارضة لجهة الاستحباب ، بل الجهة الملزمة أمر لا يمكن عروض الضعف لها من جهة مقابلة الجهة الغير الملزمة هكذا يقال عليه ، وفيه تأمّل.
ثمّ إنّه لا بدّ من أن يكون المراد من المستحب ـ الذي يضعف به التجرّي ـ التوصّلي منه ، كالواجب لا الأعم منه ومن التعبدي ؛ ضرورة أنّ المستحب التعبدي كالواجب التعبدي لا يمكن وجوده في الخارج بدون قصد التقرب المتوقّف على اعتقاد الأمر.
ثمّ انّ في قوله : « وهذا الاحتمال حيث يتحقّق عند المتجرّي لا يجديه إن لم يصادف الواقع » (١) ما لا يخفى على المتأمّل. فانّ عدم الجدوى في حكم العقل والزامه لا يتقيّد بالقيد المزبور كما هو واضح.
__________________
(١) الفصول الغرويّة : ٤٣٢ ، عنه فرائد الأصول : ج ١ / ٤٢.