في الجواب عمّا ذهب اليه الأخباريون
وأجاب الاستاذ العلاّمة : بأنّه إن كان المراد عدم جواز الركون على القطع الحاصل من المقدّمات العقلية بعد حصوله منها.
ففيه : أنّه لا معنى لذلك بعد فرض كون إعتبار العلم من باب الطريقيّة ، وإلاّ لزم التناقض في نظر القاطع في حكم الشارع على ما عرفت بيانه تفصيلا.
ولو أمكن ذلك بالنّسبة إلى القطع الحاصل من المقدّمات العقليّة أمكن بالنّسبة إلى القطع الحاصل من المقدّمات الشرعيّة أيضا ، فيلزم أن يكون العلم إذن مثل الظّن في احتياج الحكم باعتباره إلى قيام دليل من خارج عليه ؛ ضرورة أنّ ما لا يقتضي بالذات شيئا لا يمكن أن يؤثّر فيه وإنّك قد عرفت : أنّ اعتبار العلم ذاتي لا يمكن إقامة البرهان عليه ، فلو أمكن المنع إذن من القطع الحاصل من المقدّمات الشرعيّة أمكن بالنسبة إلى القطع الحاصل من الدليل الشرعي الذي أقيم على إعتبار القطع الحاصل منه ، وهكذا بالنّسبة إلى دليله ودليل دليله فيلزم التسلسل هذا ، وهو المراد بقوله : « إلاّ يجري مثله ... » (١) إلى آخره.
وإلاّ لم يكن مجرّد إمكان المنع في القطع الحاصل من المقدّمات النقليّة نقضا عليهم ، أو لهم أن يسلّموا الامكان فيه ويثبتون الفعلية بالنّسبة إلى القطع الحاصل من الدليل الشرعي بالدّليل الشرعي.
وإن كان المراد عدم جواز الخوض في المقدّمات العقليّة لتحصيل القطع
__________________
(١) فرائد الأصول : ج ١ / ٥١ وفيه : « ولو أمكن الحكم بعدم إعتباره لجرى مثله ... ».