والحاصل : أنّ نفس ذات الجسميّة بما هي هي لم تكن متّصلة في مرتبة جوهر الحقيقة ، بل كان إتصالها من قبيل العارض كانت بحسب الوجود إمّا من المجردات عن الجهات والابعاد ، وإمّا متألّفة الذات من الجواهر الفردة ـ متناهية أو غير متناهية ـ ثم تعرضها التعلّق بالاحياز والجهات ويلحقها الإتصال وقبول الإنقسام لا إلى نهاية في مرتبة ثانية. وكلاهما باطلان فقابليّة الابعاد انّما تتصوّر إذا كانت متصلة بالذات وثابتة في مرتبة ذاتها فهو جوهر لا محالة فثبت الاتصال الجوهري.
وأمّا قوله : « إنّ الاتصال الذي يبطله الانفصال عرض » (١).
ففيه : أنّ بقاء الجسميّة بنوعيّته في حالتي الإتّصال والإنفصال لا ينافي كونه متّصلا جوهريا وإنّما ينافي لو بقي بشخصه في تينك الحالتين وليس كذلك.
وأمّا قوله : « إنّ كلّ ما لا يتغيّر بتغيّره جواب ما هو ، فهو عرض » (٢).
ففيه : أنّه انّما يصح لو يتغيّر بتغيّره أشخاص الجوهر. وأمّا إذا تبدّلت الاشخاص بتبدل ذلك الشيء ، فلا يلزم عرضيّته ، كما أنّ إستمرار طبيعة نوعيّة وحفظها بتوارد تلك الاشخاص لا ينافي جوهريّة تلك الاشخاص هذا.
وقد خرجنا بذلك عن وضع التعليقة ، بل عن الفنّ إلاّ أنّه لرجاء وقوف أوائل المحصّلين على بعض المطالب تعرّضنا له وان لم يكن من شأني القاصر.
__________________
على الحكمة المتعالية أنظر الأسفار : ج ٣ / ٤٣ ، وكذا ج ٥ / ٢٣ في متن الأسفار.
(١ و ٢) انظر فيهما الحكمة المتعالية : ج ٥ / ٨٢ ـ ٨٥.