القلوب بالهام فطريّ الهي وذلك نظير قول الحكماء : إنّ الطّفل معلّق على ثدي أمّه بالهام فطريّ الهي ، فلم يتعلّق بالمكلّف وجوب إلاّ بعد بلوغ خطاب الشارع ، ومعرفة الله قد حصلت لهم بعد بلوغ الخطاب بطريق الالهام.
بل قيل : إن كلّ من بلغه دعوة النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يقع في قلبه من الله تعالى يقين بصدقه لما تواترت به الأخبار من قولهم : [ « ما من أحد إلاّ ويرد عليه الحقّ حتى يتصدّع قلبه ، فعله أو تركه » (١). فأوّل الواجبات هذا الاقرار اللّساني بالشهادتين على ما في الروايات ](٢). إنتهى كلامه رفع مقامه.
أقول : بعد ظهور فساد ما بنى عليه المسائل المتفرّعة وان لم يكن هناك ما يوجب التكلّم فيها إن كان مبناها منحصرا فيما كان ذكره من العقل في مقابل النقل إلاّ أنّه لا بدّ من التكلّم فيها لكي يعلم أنّ حكم العقل فيها معاضد بالنقل أو أنّ النقل لا يدلّ على ما زعمه.
فيما يتعلّق بالإحباط
فنقول : أمّا الإحباط فالذي يظهر من الآيات والأخبار الواردة فيه عند التأمّل أنّهما لا تدلان على المعنى المختلف فيه عند المتكلّمين ؛ فانّ الوعيديّة وهم الذين لا يجوّزون العفو عن الكبائر إختلفوا على قولين.
أحدهما : قول أبي علي الجبّائي وهو : أنّ الاستحقاق الزائد يسقط الناقص
__________________
(١) تفسير نور الثقلين : ج ٣ / ٤١٦.
(٢) لم نعرف الحاكي ، وكيف كان فإن عمدة ما فيه مأخوذ من فوائد ـ الاسترآبادي ـ المدنيّة أنظر ص ٤٠٧.