مسألة الارادة
وأمّا مسألة الارادة فالتحقيق : أنّه لا خلاف بين العقل والشرع فيها لأنّها :
إن فسرت بالقصد إلى أحد طرفي الممكن بمعنى الجزم بايقاعه ـ الذي هو المقدّمة الأخيرة من مقدمات الفعل الاختياري المسبوق بالعزم والشوق والهمّ والميل والعلم التصديقي والعلم التصوّري بالفعل ومنفعته وكيفيّة اتيانه ـ فهي مما لا مسرح له بالنّسبة اليه تعالى ؛ لأنّها من صفات المخلوقين الصادرة عنهم الأفعال الاختياريّة على الوجه المزبور ؛ إذ هي بهذا المعنى كيفيّة نفسانيّة تحدث عقيب تصوّر الشيء الملائم والتصديق بثبوته ونفعه تصديقا علميّا أو جهليّا أو ظنيّا أو تخيليّا راجحا.
وربّما يحصل ذلك التصديق الراجح بعد تردّد وإستعمال رويّة ، فاذا بلغ حدّ الرّجحان وقع العزم الذي هو الارادة ، فاذا حصلت يصدر الفعل لا محالة وتبدو صورته في الخارج.
وإنّ فسرت بالداعي إلى اختيار أحد الطرفين المفسّر بالعلم بالنفع والأصلح كما عليه جمهور المتكلمين منّا ومن العامة ، منهم المحقّق الطوسي قدسسره في « التجريد » (١) فهي عين ذاته تعالى ، لرجوعها إلى العلم الذي هو عين الذات ، كالكراهة فانّها ترجع إلى الذات أيضا.
وان فسّرت بالمحبّة كانت من صفات الذات أيضا ؛ لأنّ حبّه تعالى لنفسه عين ذاته.
__________________
(١) تجريد الاعتقاد ( بحث الصفات ) وانظر كشف المراد : ٤١٠.