بيان الوجه لاعتبار قصد الوجه في العبادة
فنقول : إنّ الوجه للقول باعتبار قصد الوجه عند القائلين به : هو أنّ عروض الأحكام الشرعيّة لأفعال المكلّفين على مذهب العدليّة إنّما هو من جهة انطباق عناوين عليها مجهولة لنا هي الموضوع الأوّلى للاحكام المعروضة للحسن والقبح ، إذ ليس المعروض لهما الأفعال من حيث أنّها أفعال كما هو واضح.
فان قصد المكلّف الفعل بذلك العنوان فترتّبه على الفعل يصير إختياريّا فيكون الفعل المعنون به اختياريّا ذاتا ووصفا ، وان لم يقصده بذلك العنوان فترتّبه على الفعل على تقدير الترتب يكون قهريّا ولا يتصف بالحسن والقبح.
فحصول الاطاعة المتوقّفة على الإختيار متوقّف على قصد عنوان المأمور به وإلاّ لم يكن ترتبه اختياريّا ، فلا بدّ من قصده إمّا بعنوانه التفصيلي فيما علم بذلك أو بعنوانه الاجمالي بقصد ما يشير اليه ويحكي عنه بنحو من أنحاء الحكاية ، كقصد الوجوب الذي هو معلول لذاك العنوان فيما لا يعلم به تفصيلا ، ألا ترى أنّ المأمور بالتأديب لو ضرب بقصد الايذاء مثلا ولم يقصد التأديب أصلا يترتّب عليه التأديب قهرا إلاّ أنّه لا يكون مطيعا بالنّسبة إلى الأمر المتوجّه اليه من قبل المولى بالتأديب فإذا كانت الاطاعة معتبرة في صحّة العبادات فلا بدّ من قصد العنوان المذكور بأحد الوجهين هذا.