وجود دليل الالتزام هذا.
وبعبارة أوضح : إثبات وجوب التخيير بين الحكمين أو الأخذ بمحتمل الحكم بما دلّ على وجوب الالتزام بالأحكام الشّرعية غير معقول ؛ إذ مرجعه إلى التّمسك بالدليل على الحكم مع الشّك في موضوعه. والتّمسك بالاحتياط لذلك ـ مع أنّه لا دليل عليه ـ غير معقول أيضا ؛ إذ الاحتياط ينافي الالتزام ، مضافا إلى أنّ مورده في غير دوران الأمر بين المحذورين حسبما عرفت مفصّلا.
وبعبارة أخصر : إن أراد القائل بالتخيير من الحكم الّذي يلزم من الرّجوع إلى الأصل مخالفته من حيث الالتزام الحكم الواقعي فيمنع لزوم مخالفته ؛ إذ الأصل لا ينفي الحكم بحسب الواقع كيف! ولا يعقل ذلك.
وإن أراد الحكم الظّاهري أعني التخيير فالرّجوع إلى الأصل وإن استلزم نفيه إلاّ أنه يمنع عن كونه حكما ظاهر بالواقعة إلاّ بعد قيام الدّليل عليه ، فإثباته بما ذكر دور ظاهر هذا.
وإلى ما ذكرنا أشار بقوله قدسسره : « وأمّا دليل وجوب الالتزام بما جاء به الشارع ... إلى آخره » (١) هذا.
وقد يتوهّم : أنّ مراده قدسسره من الالتزام قصد الحكم والوجوب مثلا على ما يوهمه قوله : « إلا أنّه فعله لا لداعي الوجوب » (٢) وهو كما ترى بمكان من الضّعف ؛ إذ المراد منه الفعل من دون التزام بالوجوب فتدبّر ، كضعف توهم : كون المراد من
__________________
(١) فرائد الأصول : ج ١ / ٨٨ وفيه : « بما جاء به النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ... إلى آخره ».
(٢) نفس المصدر : ج ١ / ٨٦.