(٨٧) قوله : ( أحدها : الجواز مطلقا ... إلى آخره ). ( ج ١ / ٩٤ )
الكلام في وجوه المخالفة لخطاب مردد بين خطابين
أقول : هذا الوجه يظهر من جماعة ممّن عاصرنا أو قارب عصرنا ، وحاصل ما ذكره من الوجه للحكم بالجواز مطلقا يرجع إلى دعوى رجوع الشّك بالنّسبة إلى كلّ خطاب إلى الشّك البدوي ، فإنّ المفروض عدم العلم بوجود متعلّق أحدهما بالخصوص فلا علم إجمالا بتعلّق كلّ منهما حتّى يحكم العقل بوجوب إطاعته والمنع من الرّجوع إلى الأصل بالنّسبة إليه.
نعم ، يعلم إجمالا بوجود متعلّق أحد الخطابين ، لكن المفروض عدم تعلّق نهي بهذا المفهوم من حيث هو ، والعقل لا يحكم بوجوب الإطاعة والتحريك على المكلّف إلاّ بعد العلم بتوجّه خطاب إليه مفصّلا ؛ بحيث يصحّ أن يعاتبه بأنّك لم خالفت الخطاب الفلاني؟ والمفروض عدم وجود مثله في المقام.
(٨٨) قوله : ( الثّاني : عدم الجواز مطلقا ... إلى آخره ). ( ج ١ / ٩٤ )
أقول : محصّل ما ذكره للحكم بعدم الجواز مطلقا : هو أنّ العقل مستقل بقبح المخالفة القطعيّة في الفرض وتنجز كلّ من الخطابين على المكلّف ؛ بمعنى صحّة مؤاخذة الشّارع المكلّف على كلّ منهما ـ على تقدير وجود متعلّقه ـ ويمنع من رجوع الشّك إلى الشّك البدوي المصحّح للرّجوع إلى البراءة في نظر العقل ، والمصحّح له هو احتمال عدم تكليف خاصّ إذا لم يستلزم تكليفا آخر ، على تقدير عدمه. وأمّا إذا كان تقدير عدمه مجامعا لتكليف آخر ، فلا يجوّز العقل الرّجوع إلى البراءة ، بل يستقل في الحكم بعدم جواز الرّجوع إليه وقبح إذن الشّارع فيه.