الأخير من المثال ، فلا يرد عليه النّقض : بأنّ الدّخول والإدخال يحصلان بحركة واحدة فيحصل العلم التّفصيلي بالحكم ، وهذا بخلاف المقام ؛ فإنّ علم الخنثى بتوجّه أحد الخطابين إليه لا يوجب حصول العلم التّفصيلي لها بشيء ، بل الحاصل لها : هو العلم الإجمالي ليس إلاّ.
ثمّ إنّ مراده من الأوّل ـ في قوله : ( والتّحقيق هو الأوّل ) (١) : هو وجوب الاحتياط على الخنثى ؛ حيث إنّ الخصم أراد نفيه من جهة كون الفرض من الخطاب الإجمالي فتدبّر هذا.
لكنّ الأحسن أن يقال : إنّ كونه من باب الخطاب الإجمالي لا ينفع في شيء ؛ لما قد عرفت : أنّه لا فرق في الحكم بوجوب الاحتياط بين العلم بالخطاب الإجمالي والتّفصيلي.
(١٠١) قوله : ( مع أنّه يمكن إرجاع الخطابين ... إلى آخره ). ( ج ١ / ٩٩ )
في عدم نفع إرجاع الخطابين إلى خطاب واحد
أقول : لا يخفى عليك أنّه بعد جعل المناط الخطاب التّفصيلي في الحكم بوجوب الإطاعة لم ينفع إرجاع الخطابين إلى خطاب واحد ؛ لأنّ هذا الإرجاع إنّما هو باعتبار من المكلّف لا باعتبار الورود في الشّرع ، وإلاّ لم يكن معنى للإرجاع كما لا يخفى ، ومن المعلوم ـ على هذا القول ـ عدم اعتبار الخطاب التفصيلي المنتزع من الخطابين بانتزاع المكلّف ، وإلاّ لأمكن إرجاع جميع الخطابات إلى خطاب واحد كما هو واضح ، فلا معنى إذا للتفصيل في المسألة هذا.
__________________
(١) فرائد الأصول : ج ١ / ٩٩.