الشّارع بخبر الواحد الظّني ـ فأوّل ما دلّ بظاهره على اعتباره وحكم بأنّ المراد منه اعتباره في صورة إفادة القطع ـ فيقال في ردّه : أنّا بعد ما لم نقف على ما يقضي باستحالة التعبّد بغير العلم وقبحه على الحكيم فلا معنى لأن نحكم بعدم جواز وقوعه والتصرف فيما دلّ عليه بظاهره.
لا يقال : كيف لا يجعل المدّعى الإمكان الواقعي؟ مع أنّ الثّابت عند المشهور تعبّد الشّارع بغير العلم على سبيل الجزم ، وهو لا يجامع الحكم بالإمكان ظاهرا كما هو واضح على الأوائل فضلا عن الأواخر.
لأنّا نقول : الكلام في الإمكان إنّما هو مع قطع النّظر عن الوقوع ، وبعد ملاحظة وقوع التعبد من الشّارع يقطع بعدم وجه للاستحالة بحسب الواقع من حيث استحالة صدور القبيح عن الحكيم تعالى. إلاّ أن هذا لا ينافي القول : بأن عقولنا لا تحكم بالإمكان واقعا من جهة توقّفه على وقوفه على الجهات الواقعيّة في التعبّد بغير العلم وهو غير واقف عليها فتدبّر هذا.
في منع كون المدرك في الحكم بالإمكان أصالة العدم
وقد يجعل المدرك في الحكم بالإمكان أصالة العدم فإنّ مقتضاها عدم اقتضاء الذّات شيئا من الوجوب والامتناع كما أنّ مقتضاها عدم وجود جهة في الذّات تقتضي الامتناع أو الوجوب.
وفيه : أنّه إن أريد من الأصل ما عليه بناء العقلاء عند الشّك في وجود كلّ حادث على تقدير تسليم بنائهم عليه ، فهو يرجع إلى ما ذكرنا ؛ لأنّ بناء العقلاء على العمل بالأصل ليس من باب مجرّد التعبّد ، بل من باب الظّن ، فهو راجع إلى ما