الفعل غالبة على مصلحة الواقع فلا يعقل إذن بقاء الحكم الثّابت للعالم في حقّ الجاهل الظّان بخلافه. ومن هنا ذكر الأستاذ العلاّمة : أنّ هذا أيضا كالأوّل في عدم ثبوت الحكم الواقعي للظّان بخلافه.
نعم ، لو قامت على طبق الحكم الثّابت للعالم لم يكن له أثر بالنّسبة إلى أصل الحكم المجعول بل هو من مقتضيات المصلحة الواقعيّة المشتركة بين العالم والجاهل لو لا قيام الأمارة على الخلاف.
نعم ، له أثر في المنع عن وجود الظّن بالخلاف الّذي يسمّى مانعا مسامحة ما دام الوجود لاستحالة اجتماع الظّنين على طرفي النّقيض أو قيامهما على المتضادّين كما هو غنيّ عن النظر.
وهذا الوجه كما ترى أيضا راجع إلى التّصويب في الجملة. ولا يبعد قيام الإجماع على بطلانه كالوجه الأوّل ، إلاّ أنّ مخالفة الشّيخ والعلاّمة قدسسرهما ربّما يوهن الإجماع. اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ غرضهما مجرّد إبداء احتمال الإمكان العقلي لا الوقوع في الشّرعيّات ، أو الوقوع مع الغفلة عن لزوم التصويب ـ وإن كان مستبعدا ممّن دونهما في الشّأن.
وكيف ما كان ليس هذا الوجه كالوجه الأوّل في لزوم المحال ؛ فإنّ الأمارات تحكي عن الحكم في حقّ العالمين لا عن الحكم في حقّ الظّان. والحكم الأوّلي أيضا مجعول في حقّ المكلّف بشرط عدم قيام الظّن على خلافه ، فلا يلزم دور أصلا.
وهذا بخلاف الوجه الأوّل فإنّ اختصاص الحكم الأوّلي بالعالم مع تأخّر العلم عن المعلوم لا ينفك عن الدّور ، إلاّ أن يجعل المراد من الحكم المختصّ