في الوجه الثالث من وجوه جعل الطرق
أقول : لا يخفى عليك وضوح المراد من هذا الوجه ؛ فإنّ المقصود منه : عدم تأثير قيام الأمارة على حكم الفعل الّذي تضمّنت حكمه فيه أصلا ومطلقا ، سواء قامت على طبق حكم العالم أو على خلافه ، بمعنى كون الحكم الواقعي للفعل مستندا إلى مصلحة مشتركة بين العالم والجاهل بحيث لا يؤثّر قيام الأمارة على خلافه بالنّسبة إليها أصلا.
فالحكم الواقعي الثّابت في حقّ العالم ثابت وفعليّ في حقّ الجاهل سواء قامت عنده أمارة على خلافه أو على وفقه أو لم يقم عنده أمارة أصلا. والمراد من الفعليّة : هو وجود الحكم الثّابت للعالم في حقّه على كلّ تقدير وإن لم يؤخذ بمقتضاه كذلك مع وجود مصلحة في حكم الشّارع وأمره بسلوك مقتضى الأمارة وجعله مؤدّاه حكما ظاهريّا وإيجابه البناء على كون مفادها هو الواقع ، فمقتضاه جعل حكم ظاهري في حق من قامت عنده مطلقا ؛ إذ كما قد يكون في الفعل
__________________
إن ما في بعض نسخ فرائد الشيخ الأجل قدسسره من فرض المصلحة في الأمر غير صحيح.
أمّا أوّلا : فلأن مصلحة الأمر غير استيفائيّة للمكلف حتى تدعو إلى البعث وتكون موجبة لتدارك ما فات من مصلحة الواقع.
وأمّا ثانيا : فلأنّ متعلّق الأمر إذا لم يكن فيه بنفسه مصلحة يستحيل أن يتعلق به بعث ؛ فإن البعث إيجاد تسبيبي من المولى لفعل المكلف المحصّل للملاك الموافق لغرض الآمر ، والغرض متعلق بحيثيّة صدوره عن المكلف لا بحيثيّة صدوره من المولى.
لاحظ نهاية الدراية : ج ٣ / ١٣٨.