الأمارة في المقامين : فإنّ الموضوع الخارجي ليس مجعولا ويستحيل تعلّق الجعل بها بخلاف الحكم الشّرعي ؛ فإنّه يستحيل وجوده بدون الجعل واقعيّا كان أو ظاهريّا.
إلاّ أنّ جعل الحكم الواقعي الّذي يحكي عنه الأمارة سابق على جعل الحكم الظّاهري ، ويستحيل جعله بنفس الأمر بالعمل بالأمارة القائمة عليه على ما عرفت توضيح القول فيه في أوّل التّعليقة.
(١٣٦) قوله : ( دام ظلّه ) : وحاصل الكلام ... إلى آخره ). ( ج ١ / ١٢١ )
في أنّ الحكم الظاهري واقعي باعتبار
أقول : لمّا كان الحكم الظّاهري أيضا له واقعيّة في حياله ؛ لأنّ ثبوت كلّ محمول لما هو الموضوع له على تقدير الثّبوت والتحقّق لا يمكن أن يكون ظاهريّا إلاّ بظاهريّة أصل ثبوته وإلاّ فقول الشّارع : يجب تطبيق العمل على مقتضى قول العادل كقوله عليهالسلام ـ يجب الاجتناب عن الخمر ـ له واقعيّة لا يمكن الفرق بينهما من هذه الجهة ، إلاّ أنّه قد أخذ في أحدهما الجهل بحكم آخر فسمّي ظاهريّا في اصطلاح ، ولم يؤخذ في الآخر ذلك فسمي واقعيّا في الاصطلاح بقول مطلق ، على ما ستقف عليه مشروحا في الجزء الثّاني من التعليقة (١) إن شاء الله تعالى.
ومن هنا ذكر الأستاذ العلاّمة ( دام ظلّه ) ـ في حاصل الفرق بين جعل الأمارة على الوجهين الأوّلين والوجه الأخير ـ : أنّ مرجع الوجهين الأوّلين إلى جعل مدلول الأمارة حكما واقعيّا بحيث لا يكون للجاهل غير مؤدّى الأمارة حكم
__________________
(١) بحر الفوائد : ج ٢ / ٣ ط حجرية.