لاستقلال العقل بقبح المؤاخذة على ما لم يكن للمكلّف طريق إليه.
ولا يسمّى تكليفا حقيقة ؛ لأنّ التّكليف ليس مجرّد الفعل والإنشاء من المكلّف ولو لم يكن حاملا للمكلّف ـ بالفتح ـ وواصلا إليه ، بل هو الإنشاء المقرون بالحمل بالوصول إليه ، كما في كثير من الأفعال التي هذا شأنها ، كالإقباض والتسليم والإكراه ونحوها. وإن أطلق عليه التّكليف مسامحة ـ كما يطلق الإقباض على ما يلزم حصوله من طرف في تحقق القبض ـ إلاّ أنّه لا تضادّ بينه وبين الحكم الفعلي المنجّز على المكلّف.
فإذا لم يكن تضادّ بينه وبين الحكم الواقعي المنجّز على خلافه ـ كما في المثال الّذي عرفته ؛ فإنّ صحّة الصّلاة ليست فيه ظاهريّة ، بل واقعيّة ـ فعدم التّضادّ بينه وبين الحكم الظّاهري على خلافه بطريق أولى.
في الإشارة الى الإشكال في إجتماع الحكم الواقعي مع الحكم الظاهري
وبعبارة أخرى : إن كان الوجه في عدم جواز اجتماع الوجوب الواقعي والحرمة الظّاهريّة عدم إمكان امتثالهما للمكلّف فهو غير وجيه قطعا ، لعدم وجوب امتثال الحكم الواقعي على المكلّف كما عرفت.
وإن كان الوجه تضادّ أنفسهما وإن لم يلزم امتثال الحكم الواقعي. ففيه : منع التّضادّ بينهما لا لكون الحكم الواقعي عبارة عن المصلحة أو شأنيّة الحكم والإنشاء كيف! وقد عرفت فساده بل هو عبارة عن مدلول الخطابات الواردة في الشّريعة التي يتعلّق بها العلم والظّن والجهل ، ولا ريب في كونها من مقولة الحكم والإنشاء وليست إنشائيتها متوقّفة على العلم ، إلا أنّه لا تضادّ بينها وبين الحكم