اعتقدوه بالتّقليد من آبائهم وأستاذهم غير معتنين إلى قول العالم الّذي يرشدهم إلى الحقّ معرضين عنه ، وهذا أمر واضح لمن شاهد طريقة العوام المتعصّبين ، بل كثيرا ما يعلم ذلك من نفسه في عالم الجهالة.
والّذي يدلّ على إرادة ما ذكرنا قوله : « عن جهل » فإن تكلّف الجاهل البسيط ليس ناشئا عن جهله ومستندا إليه ، مضافا إلى أنّ إرادة الجهل البسيط ينطبق على قوله : « بما لا يعلم بوروده من المولى ». فلا معنى إذن لقوله : « ولو كان عن جهل ». فتعيّن إرادة الجهل المركّب وإن كانت إرادته من قوله : « بما لا يعلم » غير خالية عن التكلّف كما لا يخفى. وببالي أنّ شيخنا ( دام ظلّه العالي ) يذبّ عن الإيراد المذكور في مجلس البحث بما عرفت.
(١٥٠) قوله : ( نعم ، قد يتوهّم متوهّم : أنّ الاحتياط ... إلى آخره ). ( ج ١ / ١٢٦ )
أقول : لا يخفى عليك أنّه قد وقع في هذا الوهم جماعة ممّن لا يحسن التّصريح باسمهم ، وهو في كمال الضّعف والسّقوط ؛ فإنّ الاحتياط رافع لموضوع التّشريع وضدّ له ، فكيف يمكن أن يصير من أفراده؟ فالعمل بالظّن إذا كان على وجه الاحتياط لا يعقل أن يكون تشريعا.
(١٥١) قوله : ( والحاصل أنّ المحرّم هو العمل بغير العلم ... إلى آخره ). ( ج ١ / ١٢٦ )
في ان حرمة العمل بغير علم تشريعيّة لا ذاتيّة
أقول : لا يخفى عليك أنّه أراد ( دام ظلّه ) بذلك الكلام : بيان الحرمة الثّابتة لغير العلم ما لم يقم دليل على ورود التعبّد به من الشّارع ، ردّا على ما ربّما توهّم من كلام جماعة : من كون حرمة العمل بالظّن ذاتيّة كسائر المحرّمات الذاتيّة فيلزمه