نعم ، لا إشكال في استحقاقه العقوبة على مخالفة الواقع الأوّلي الذي فرض ثبوت الطريق إليه زائدا على عقاب التّشريع حتّى فيما لم يكن الدّليل المعتبر أيضا موافقا له ، كما هو واضح لوجود البيان المصحح للعقاب على مخالفة الواقع.
في التفصيل بين الأمارات والأصول
وهاهنا قول بالتفصيل بين الأمارات والأصول المعتبرة ليس ببعيد وهو : أنّه إن كان اعتبار الأمارة من باب مجرّد الكاشفيّة والأقربيّة إلى الواقع ـ كما هو حال الظّن الذي يستقلّ العقل بحجيّته في زمان الانسداد ـ فلا يترتّب على مخالفته من حيث هي عقوبة ؛ لرجوع الأمر بالعمل به حينئذ إلى مجرّد الإرشاد ، كما هو ظاهر.
وإن كان اعتبارها لا من الجهة المذكورة بل من جهة وجود المصلحة في سلوكها أو كان من الأصول الّتي تكون عريّة عن جهة الطّريقيّة ، فيترتّب استحقاق العقاب على مخالفته ؛ لأنّ مخالفة أمر الشّارع وحكمه الإلزامي إذا لم يكن مبنيّا على الإرشاد تورث استحقاق العقوبة أيّا ما كان ، واقعيّا كان أو ظاهريّا فتأمّل. ولعلّك تقف على زيادة بيان لهذا في طيّ كلماتنا الآتية إن شاء الله تعالى.
(١٥٢) قوله : ( في تسمية هذا عملا ... إلى آخره ). ( ج ١ / ١٢٧ )
في أن المعتبر في العمل الإستناد
أقول : لا يخفى عليك وجه التّسامح في الإطلاق المذكور وكونه مبنيّا على التّوسعة ؛ فإنّ الظّاهر من العمل بالظّن : هو الاستناد إليه والتّدين به ، لا مجرّد العمل المطابق له وإن لم يكن عن استناد إليه. وهو المراد من جميع ما ورد في باب العمل بغير العلم والظّن إثباتا ونفيا ، حتّى ما ورد في باب القياس والعقول الظّنيّة وما ورد