فإن قلت : ما ذكرته في التّفصّي من النّقض بقاعدة الطّهارة واستصحابها يجري في قاعدة الاشتغال واستصحابه حرفا بحرف ، وإن لم يجر بالنسبة إلى مسألة التشريع ؛ لأنّ الطّهارة كما تكون على قسمين كذلك الاشتغال يكون على قسمين : واقعيّ وظاهريّ ، فلم منعت من عدم جريان استصحاب الاشتغال مقيسا له بأصالة عدم الحجيّة؟
قلت : نمنع من جريان ما ذكرنا في الطّهارة بالنّسبة إلى الاشتغال ؛ لأنّك قد عرفت : أنّ حكم العقل بلزوم التخلّص عن العقاب حكم واقعي غير مأخوذ فيه الشك ، غاية الأمر : أنّه توجد في صورة الشّك أحيانا من جهة وجود مناطه فيها لا من جهة كون الشّك مأخوذا في موضوعه.
وبالجملة : قد عرفت : أنّه لا معنى لتقسيم حكم العقل إلى الظّاهري والواقعي ؛ لأنّه لا يحكم إلاّ على الموضوعات المعلومة والقضايا الأوليّة ، غاية الأمر ؛ وجود موضوع حكمه في بعض صور الشّك أيضا.
في أن قياس الاصول الشرعيّة بالأصول العقليّة فاسد
فإن قلت : ما ذكرته في الأصول العقليّة يجري في الأصول الشّرعيّة أيضا طابق النّعل بالنّعل ؛ لأنّ حكم الشّارع بالبناء على طهارة ما لم يعلم قذارته ، حكم واقعيّ لهذا الموضوع يجامع الشّك والظّن بالخلاف في الجملة ، فلا يكون إذن ظاهريّا.
قلت : قياس الأصول الشّرعيّة بالأصول العقليّة قياس فاسد ؛ لأنّا لا نعني بالحكم الظّاهري إلاّ ما كان ثابتا لشيء بوصف عدم العلم بالحكم الواقعي