الظّاهر مع عدم وجودها في الواقع ؛ لأنّ الاشتغال والبراءة بهذا المعنى مسبّب عن التّكليف وعدمه فكما أنّ وجود التّكليف وعدمه على نحوين ؛ كذلك وجود الاشتغال والبراءة.
وبعبارة أخرى : الاشتغال والبراءة لهما معنيان : أحدهما : حكم العقل بوجوب التخلّص عن العقاب أو قبح العقاب من غير بيان. ثانيهما : ما هو مسبّب عن حكم الشّارع.
والّذي لا يتصف بالظّاهريّة ولا يجري الاستصحاب فيه هو المعنى الأوّل لا المعنى الثّاني.
في ان وجود المعنيين للبراءة والاشتغال لا ينفع في جريان استصحابهما
قلت : وجود المعنيين لهما وإن كان أمرا مسلّما إلاّ أنّهما بالمعنى الثّاني لا يترتّب عليهما أثر شرعيّ بلا واسطة حتّى يحكم بصحّة جريان الاستصحاب فيهما كما هو ظاهر ، وستقف عليه في الجزء الثّاني من التّعليقة. وإلحاق استصحابهما بأصالة عدم الحجيّة كان مبنيّا على إرادة هذا المعنى منهما ، هذا كلّه مضافا إلى كونهما بالمعنى المذكور من الأمور الاعتباريّة المنتزعة من التّكليف وعدمه ، فلا يصيران مورد الأصول فتأمّل.
وممّا ذكرنا كلّه يعلم : أنّ منع جريان استصحاب الاشتغال والبراءة ليس مبنيّا على كون المدرك في قاعدة الاشتغال والبراءة والتّخيير العقل ، بل يتمّ على تقدير القول بها من جهة الأخبار أيضا والله العالم. هذا بعض ما ساعدنا التّوفيق