من التّكلّم في حكم المقام وبقي فيه بعض شبهات ومطالب أخر يطول المقام بالتّعرض لها فلعلّنا نذكرها بعد ذلك إن شاء الله تعالى.
ثمّ لا يخفى عليك أنّ الوجوه الّتي يذكرها الأستاذ العلامة لتقرير الأصل عن غيره ، بعضها مطابق للمختار بحسب المفاد وبعضها مخالف له وبعضها ممّا يصلح للأمرين ولا معين لأحدهما إلاّ اجتهاد المجتهد.
(١٥٤) قوله : ( وفيه على تقدير صدق النّسبة ... إلى آخره ). ( ج ١ / ١٢٨ )
في انه لا مورد لأصالة الإباحة في العمل بالطريق
أقول : لا يخفى على من راجع كلام السيّد ظهوره فيما نسب إليه ، كما أنّه لا يخفى على ذو مسكة فساد ما ذكره بظاهره ؛ فإنّ حكم الطّريق لا يمكن أن يكون غير الوجوب ولو تخييرا والحرمة معيّنا ؛ فإنّه لو علم بقيام الدّليل على حجيّته كان واجب العمل. وإن لم يعلم به كان محرّم العمل بحكم العقل المستقلّ. مضافا إلى دلالة الأدلّة النّقليّة عليه أيضا كما هو ظاهر. فلا مورد إذن لأصالة الإباحة الجارية فيما كان خاليا عن المفسدة.
هذا كلّه على تقدير عدم جواز الرّجوع إلى أصالة عدم الحجيّة على ما عرفت ممّا أفاده شيخنا الأستاذ العلاّمة.
وأمّا على ما احتملنا من جواز الرّجوع إليه فلا يجوز الرّجوع إلى أصالة الإباحة أيضا ؛ لورودها عليها على تقدير وحكومتها عليها على تقدير آخر.
ثمّ إنّ مراده قدسسره من التّخيير بين الظّن والأصل ليس الغرض منه وقوع ذلك في الشّرعيّات ـ حتّى يورد عليه : بأنّ الأصل لا يقابل بالظّن ولا يكون طرفا له