في علاج تعارض الأخبار المتواترة وكيفيته
ثمّ إنّك بعد ما عرفت التّعارض بين الأخبار وأنّها متواترة من الطّرفين فلا يمكن التّرجيح بينها بحسب السّند فاستمع لما يتلى عليك من الكلام في علاجها فنقول :
إنّه لا ينبغي الرّيب والإشكال في لزوم التّصرف في الأخبار المانعة على فرض تسليم ظهورها في المنع كما هو لازم فرض التّعارض بينها وبين ما دلّ على الجواز ؛ لأنّ الأخبار الدّالة على الجواز نصّ في المدّعى بحيث لا يحتمل إرادة ما ينافي ظاهر الأخبار المجوّزة كما هو ظاهر لمن أعطى حقّ النّظر فيها.
سلّمنا أنّها ليست نصا ، ولكنّها أقوى ظهورا من الأخبار المانعة قطعا فيتعيّن التّصرف فيها أيضا ، وحملها على القول في الكتاب على خلاف ظاهره أو أحد معانيه المحتملة من دون ظهور. سلّمنا عدم أظهريّتها منها ، ولكن من المقرّر عندنا تبعا للمحقّقين لزوم الرّجوع في تعارض الظّاهرين القطعيّين سندا إلى الأصل لا إلى التّخيير.
ومن المعلوم أنّ قضيّة القاعدة ـ المستفادة من أهل اللّسان والعرف ـ هو جواز العمل بظواهر القرآن ، وإن كان قضيّة الأصل الأوّلي حرمة العمل بما وراء العلم مطلقا ـ على ما عرفت تفصيل القول فيه ـ إلاّ أنّه لا يجوز الرجوع إليه ، بعد كون قضيّة القاعدة الثّانويّة ـ في خصوص ظواهر الألفاظ ـ الجواز ، على ما عرفت تفصيل القول فيها.