الكلام في حكم ما يختلف من القراءات
إذا عرفت ما نبّهناك عليه من الأمور تمهيدا فيقع الكلام في حكم ما يختلف من القراءات على كلّ من الأقوال والتقادير السّابقة.
فنقول : إنّ الاختلاف في القراءة قد لا يوجب الاختلاف في المعنى ( كملك ومالك ) وقد يوجب الاختلاف فيه كقراءة التخفيف والتّشديد في قوله تعالى : ( وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ )(١) حيث إنّ ظاهر تخفيف الفعل حصوله من غير تحصيل فيكون مقتضاه مفهوما جواز المقاربة بعد حصول النّقاء وقبل الغسل. وظاهر تشديده تحصيل المبدأ فيكون مقتضاه منطوقا ـ عدم جواز المقاربة قبل الغسل إن حصل النّقاء.
وكقراءة الجرّ والنّصب في قوله : ( وَأَرْجُلَكُمْ )(٢) بناء على عموم البحث لما يشمل المقام من الاختلاف في الهيئة والإعراب هذا. مع قطع النّظر عمّا ثبت في مذهبنا من تعيين قراءة الجرّ من حيث العطف على الرّؤوس ونحوهما من موارد الاختلاف في القراءة الموجب لاختلاف المعنى.
أمّا القسم الأوّل : فالكلام فيه إنّما هو من حيث جواز القراءة المدلول عليه بالأخبار المدّعى عليه الإجماع ، وإن كان الحكم به على الإطلاق حتّى بالنّسبة إلى الشّواذ والقراءات الغير العشرة الّتي لم يتعارف القراءة بها عند النّاس لا يخلو
__________________
(١) البقرة : ٢٢٢.
(٢) المائدة : ٦.