وممّا يؤيّد ما ذكرنا وقوع الخلاف في هذه الآية ، وإلاّ تعيّن التّخيير في العمل » (١). ثمّ قال بعد نقل كلام العلاّمة قدسسره في « المنتهى » (٢) في ترجيح قراءة عاصم من طريق أبي بكر بن عيّاش وأبي عمرو بن العلاء مع نفيه الخلاف عن صحّة الصّلاة بالقراءة المرجوحة مثل قراءة الحمزة والكسائي ما هذا لفظه :
« لا عمل بالشّواذ ، لعدم ثبوت كونها قرآنا وذهب بعض العامّة إلى أنّها كأخبار الآحاد يجوز العمل بها وهو مشكل ؛ لأنّ إثبات السّنة بخبر الواحد قام الدّليل عليه بخلاف الكتاب. وذلك كقراءة ابن مسعود في كفّارة اليمين ( فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ) متتابعات (٣) فهل ينزّل منزلة الخبر لأنّها رواية؟ أم لا ؛ لأنّها لم تنقل خبرا؟ والقرآن لا يثبت بالآحاد ، ويتفرّع عليه وجوب التّتابع في كفّارة اليمين وعدمه ولكن ثبت الحكم عندنا من غير القراءة (٤) ». انتهى كلامه رفع مقامه.
وأنت خبير بأنّ قوله في أوّل كلامه : ( لعدم المرجّح ) مشتبه المراد فإنّه لم يعلم كون مراده نفي الذّات ووجود المرجّح في القراءات المختلفة كما يقتضيه الجمود على ظاهر اللّفظ في باديء النّظر ، أو نفي العنوان والوصف؟ أي : نفي التّرجيح بالمزيّة في المقام ، ثمّ على تقدير الثّاني : هل المراد نفي التّرجيح مطلقا؟ حتّى بقوة الدّلالة أو نفي التّرجيح بغيرها؟
__________________
(١) قوانين الاصول : ج ١ / ٤٠٩.
(٢) منتهى المطلب : ط ق / ٢٧٣ وج ٥ / ٦٤ ط الآستانة الرضويّة.
(٣) المائدة : ٨٩ ، وفي المصحف الشريف برواية حفص عن عاصم : ( فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ) من دون لفظة « متتابعات ».
(٤) قوانين الاصول : ج ١ / ٤٠٩.