التّكليف بيننا وبينهم يحتاج إلى معرّف يعرّفنا بأنّ تكليفهم على خلاف الظّاهر ، والمعرّف في بعض المواضع قطعيّ مثل الإجماع كما في آية الوضوء. وفي بعضها يجوز أن يكون من الأمارات المفيدة للظّن ، وخبر الواحد من جملتها ، فيجوز أن يكون معرّفا لنا على ذلك ، وإن لم يجز أن يكون صارفا للظّاهر بنفسه. مع جواز ذلك ينتفي القطع بالحكم المستفاد من ظاهره.
وبهذا التّقرير ، لا يرد عليه : أنّ جواز هذا الاحتمال باق على تقدير عموميّة خطاب المشافهة أيضا فلا وجه لتخصيصه بالموجودين ؛ وذلك لأنّ الصّارف على تقدير الاختصاص ، غير الخبر ، والخبر علامة له ، وعلى تقدير العموم نفس الخبر لانتفاء غيره بالنّظر إلينا ، وجواز ذلك أوّل الكلام » (١). انتهى كلامه قدسسره.
وقال في تعليقه على قوله : ( ويستوي حينئذ ... إلى آخره ) (٢) ما هذا لفظه :
« لمّا دفع بقوله : ( فيحتمل ما ذكره المورد من أنّ الحكم المستفاد من ظاهر الكتاب معلوم لا مظنون ) دفع ما أورده ثانيا ـ بعد التّسليم ـ من أنّ المستفاد من ظاهره : ظنّ مخصوص ، فهو من قبيل الشّهادة لا يعدل عنه إلى غيره.
وتوضيح الدّفع :
أنّه إذا ثبت جواز حمل الظّاهر على خلافه عند معارضة الخبر إياه ، صار الظاهر ظنيّا ، ويساوي غيره ممّا يفيد ظنّا في إفادة الظن ، وفي إناطة التّكليف به.
وليس المراد أنّهما يتساويان من جميع الجهات الموجودة. فلا يرد : أنّ هذا ينافي
__________________
(١) حاشية معالم الدين : ٢٣١.
(٢) معالم الدين وملاذ المجتهدين : ١٩٤.