وأمّا الكلام في المقام الثّاني :
وهو حجيّة مطلق الظّن الشّخصي واعتباره في اللّغات والأوضاع بقول مطلق ، فيدخل فيه قول اللّغوي المفيد للظّن.
فملخّصه : أنّ صريح غير واحد من المتأخّرين ، بل بعض المتقدّمين : القول بحجيّة مطلق الظّن في اللّغات والأوضاع ، مع القول بعدم حجيّة مطلق الظن في الأحكام. وصريح جماعة : إنكار الحجيّة على هذا القول ـ على ما عرفت : من كونه محلّ البحث والإنكار ـ. وهو الأقوى ؛ لأصالة عدم الحجيّة ؛ لأنّها الأصل في مطلق غير العلم ولا مخرج عنها إلاّ ما تمسّك به القائل بالحجيّة وهو ضعيف كما ستقف عليه بعد إيراده هذا.
وأمّا التمسّك بالأخبار النّاهية عن نقض اليقين بالشّك للمختار ، بتقريب : أنّ الوضع المشكوك مسبوق بالعدم ، فلا ينتقض الأمر العدمي المتيقّن بالشك ـ كما في كلام بعض الأفاضل ممّن (١) تأخّر ـ فهو ضعيف عندنا ؛ من حيث إنّ مبنى التّعبّد على ترتيب المحمولات الشّرعيّة للمستصحب بلا واسطة وجعلها في مرحلة الظاهر ، إذا كان المستصحب من الموضوعات ، فلا يشمل الموضوعات اللّغويّة إثباتا ونفيا كما ستقف على تفصيل القول فيه في محلّه.
نعم ، بعد الحكم بعدم اعتبار الظن في مرحلة الظّاهر ، يرجع إلى الأصول بالنّسبة إلى الآثار كما هو الشّأن في جميع ما يحكم بعدم حجيّة الظن القائم عليه موضوعا كان أو حكما شرعيّا هذا.
__________________
(١) المولى أحمد النراقي عليه الرّحمة.