كان هذا المعنى بالنسبة اليه مجرد فرض ؛ حيث أنّ الاحكام التي يعبر عنها بالاصول والقواعد ـ سواء كانت في الشبهات الحكمية أو الموضوعية ، وان كان الشك مأخوذا في موضوعها إلاّ أنّها ـ بأسرها أحكام ظاهرية ، لكن لا ريب في إمكان أخذ الشك في موضوع الحكم واقعا بمعنى كون الحكم واقعا تابعا للشك ، ولم يكن حكم مع قطع النظر عنه للواقع اصلا.
نعم ، قد وقع في الشرعيّات أو قال به جمع ، تعلّق الحكم الواقعي بعنوان ينطبق على الشك ويتصادقان كالخوف الذي يترتب عليه الافطار والقصر والتيمّم في باب المسافة والطهارة وان لم يظن بالتضرّر خلافا لمن قال باناطة الحكم بالضّرر الواقعي وجعل الظّن طريقا اليه ، وكعدم العلم بكون الشيء من الدّين المأخوذ في موضوع التشريع على ما عليه الاستاذ العلاّمة وفاقا لجمع من المحقّقين : من لحوق حكم التشريع واقعا لإدخال ما لم يعلم كونه من الدّين في الدّين بقصد كونه منه وان كان لنا كلام فيه سيأتي في محله.
فانّه لا ريب في صدق هذين مع الشّك ، والظّن يشارك العلم في الطريقيّة والموضوعية ويفارقه في كيفية الطريقيّة ؛ حيث أنّ طريقة العلم ذاتيّة وواجبة وطريقيّته لا بدّ من أن تثبت من دليل خارجي ، وليس له بالنظر إلى الذات إلاّ امكان الاعتبار على وجه الطريقيّة ، وان كان أصل طريقيّة الظّن وكشفه عن المظنون من لوازم ذاته.
ومن هنا علم أنّ ما ذكرناه بالنسبة إلى كلّ من العلم والظن والشّك : من إمكان تبعيّة الحكم الواقعي لكلّ منها فانّما هو باعتبار جواز أخذها في موضوع الحكم واقعا حسب ما ينادي به كلماتنا السابقة بمعنى توقّف عروض الحكم