والحكم النفس الأمري مع أنّ كلماتهم مشحونة في باب بيان شرايط التكليف من القول بشرطيّة العلم وأنّه من الشرايط الأربعة ولم يعهد من أحد أنكار هذه المقالة.
قلت : المراد من كونه شرطا في التكليف كونه شرطا في التكليف الفعلي لا التكليف الشأني ، فلا يلزم محذور فشرطيّته للتكليف ليس كشرطيّة ساير الشرايط من القدرة والبلوغ والعقل فانّها شرايط للتكليف الشأني دائما.
نعم ، البلوغ ليس شرطا في جميع الاحكام بناء على القول بشرعيّة عبادة الصّبي فيكون الصّبي بالنّسبة إلى الحكم الاستحبابي مثلا كالبالغ في الجملة. فافهم.
وعلى ما ذكرنا يحمل ما صرح به العلاّمة في « التهذيب » : من أنّه لا يمكن أن يجعل العلم شرطا في التكليف ، وإلاّ فيلزم الدّور ؛ لتأخّر العلم عن المعلوم ، ولو توقف المعلوم على العلم لزم تأخّره عنه أيضا فيلزم الدّور. وما حكى عنه في « المنتهى » « من أنّه لو علم الغصب وجهل التحريم لم يكن معذورا ؛ لأنّ التكليف لا يتوقّف على العلم به وإلاّ لزم الدور المحال ) (١) انتهى.
فمراده من التكليف هو التكليف الواقعي الشأني ، وإلاّ فاشتراط التكليف الفعلي بالعلم أو ما يقوم مقامه ممّا يستقلّ به العقل ولم يخالف فيه أحد ولا يلزمه الدّور المحال أصلا ، لاختلاف المعلوم والمشروط كما لا يخفى.
ومنه يظهر : اندفاع ايراد بعض أفاضل من عاصرناه عليه : بأنّ اشتراط التكليف بالعلم في الجملة ممّا لا إشكال فيه ولا يلزمه محال جزما.
__________________
(١) منتهى المطلب : ج ٤ / ٢٣٠.