وجه التأمّل فيما إستظهره الشيخ في المسألتين
أمّا بالنسبة إلى ما ذكره ( دام ظلّه ) في المسألة الأولى (١) : فبأنّ تعبيرهم بالظن في المسألة الأولى لم يعلم كونه من باب التعبير بأدنى فردي الرّجحان (٢) وان كان أصل عدم جواز التأخير مع العلم ثابتا عندهم ، بل مصرّحا به في كلمات جماعة ؛ لأنّ استحقاق العقاب على مخالفة الظّن المعتبر عند الشارع لا يستلزم استحقاقه على مخالفة القطع ؛ لأنّ مرجع اعتبار الظن إلى حكم الشارع بالعمل به وايجابه سلوكه في مقام
الظاهر الذي يرجع إلى جعل حكم ظاهري للشيء الذي تعلق به الظن ممّا يكون ثابتا له في الواقع ونفس الأمر.
ومن المعلوم أنّ مخالفة الحكم الظاهري كمخالفة الحكم الواقعي موجبة لاستحقاق العقوبة ؛ إذ كلّ منهما حكم شرعيّ غاية الأمر كون الموضوع في أحدهما نفس الواقع وفي الآخر الواقع الغير المعلوم وهذا لا يؤثّر في شيء.
وهذا الكلام وان كان قابلا للنّقض والابرام كما ستقف عليه إلاّ انّه يصلح مانعا لاستفادة حكم غيره منه بالفحوى وبتنقيح المناط ، وهذا بخلاف القطع ؛ فانّك قد عرفت : أنّه ليس حجّة شرعية بمعنى كون حجّيته مجعولة ولو بحكم العقل
__________________
(١) أي مسألة تأخير الصلاة مع ظنّ ضيق الوقت.
(٢) سيأتي قريبا في كلامه : أن اعتبار الظن هنا من جهة حكم العقل من باب الارشاد والطريقية المحضة وذلك لأن ترك العمل بمقتضى الظن والتأخير ريثما يحصل العلم بالضيق قد يستلزم فوت الواجب المنجّز كما هو الغالب في كثير من الأحيان.