وأمّا المناقشة في الأخبار الواردة في ذلك ؛ فإن كان من حيث الإسناد فهي واهية جدّا. وكذا من جهة الدّلالة ؛ إذ من البيّن بعد ملاحظة فهم الأصحاب وعملهم شمولها لهذا العصر ونحوه قطعا وليس جميع تلك الأخبار من قبيل الخطاب الشّفاهي لمحض الحاضرين ويتوقّف في شموله للغائبين على قيام الإجماع. ومع الغضّ عن ذلك ففيما ذكرنا من الإجماع المعلوم كفاية في المقام.
وكيف كان فإن سلّم عدم قيام الدّليل القاطع من الشّارع أوّلا على حجيّة الظّن المتعلّق بالكتاب والسّنة على وجه يتمّ به نظام الأحكام ـ حسبما ندّعيه كما سيأتي الإشارة إليه ـ فقضيّة حكم العقل هو حجيّة الظّن المتعلّق بهما من أيّ وجه كان على ما يقتضيه الدّليل المذكور والمقصود بالاحتجاج المذكور بيان هذا الأصل ، وبعد ثبوته لا وجه للرجوع إلى شيء من سائر الظّنون ؛ إذ لا ضرورة إليها ولم يقم عليها دليل خاصّ.
فإن قلت : القدر المسلم الرّجوع إلى الكتاب والسّنة في الجملة ولا يقضي ذلك بحجيّة الظّنّ الحاصل منهما مطلقا ، بل القدر الثّابت من ذلك هو ما قام الإجماع عليه فيقتصر من الكتاب على خصوصه ، ومن السّنة على الخبر الصّحيح الّذي يتعدّد مزكّى رجاله فلا يعمّ سائر وجوه الظّن الحاصل من الكتاب والسّنة.
وحينئذ نقول : لا يكفي الظّن المذكور ؛ لأنّ المعلوم بإجماع الشّيعة بل الأمّة والأخبار القطعيّة وجوب الرّجوع إلى الكتاب والسّنة الواقعيّة الّتي هي قول المعصوم عليهالسلام وفعله وتقريره ولا فرق في ذلك بين أن يفيد ذلك القطع بالحكم