وبذلك يتم المطلوب ؛ إذ بعد تسليم حجيّة الخبر في الصّورة المفروضة لا دليل على حجيّة الشّهرة حتّى يعارض بها تلك الحجّة المسلّمة فضلا عن ترجيحها عليها ، فإنّ الحكم بالتّرجيح فرع الحجيّة ، فإذا كانت منتفية لعدم قيام الدّليل عليها لم يعقل التّرجيح ويتمّ ما قررّناه ، فإنّ الفريقين متّفقان حينئذ على حجيّة الخبر وجواز العمل به في نفسه لو لا المعارض الأقوى ، إلاّ أنّ القائل بحجيّة مطلق الظّن يقول حينئذ بوجود المعارض ، فلا يجوز عنده العمل بالخبر من تلك الجهة وإنّما يتمّ له تلك الدّعوى على فرض إثباته.
وقد عرفت : أنّه لا دليل عليه حينئذ فتعيّن العمل بالخبر ، هذا غاية ما يمكن تقريره في تصحيح هذا الوجه ولا يخلو عن تأمّل » (١). انتهى كلامه رفع في الخلد مقامه.
وما أفاده في بيان الصّغرى وتشخيص مصداق المتيقّن اعتباره من الظّنون ـ سيّما ما أفاده في جعل مطلق أفراد الظّنون الخاصّة مع اختلاف أهله فيها من أفراده ، وكون النّسبة بين القولين عموم مطلق ، مع أنّ القائلين بالظّنون الخاصّة لا يعتبرون في اعتبارها حصول الظّن الفعلي منها في خصوصيّات مسائل الفقه ـ وكذا ما أفاده في مسألة التّعارض وإن كان محلّ المناقشة والنّظر ، ولذا حكم بعدم خلوّه عن التّأمّل ، إلاّ أنّ ما أفاده من انصراف المهملة الثّابت حجيّتها بدليل الانسداد إلى خصوص ما كان أولى بالاعتبار من الظّنون ـ على تقدير الكفاية في
__________________
الخاصة الا أن يقوم عنده دليل على خلافه ... إلى آخره. أنظر الهداية : ج ٣ / ٣٧٣.
(١) هداية المسترشدين : ج ٣ / ٣٧٣ ـ ٣٦٩.