حيث إنّها مبنيّة على الاعتقاد بوجود تأثير نفس التطيّر أو ما يتطيّر به وهو مناف لبعض مراتب التوحيد وإن لم يناف التوحيد المعتبر في الإيمان لعدم الاعتقاد بتأثيرها استقلالا حتى ينافيه ، وإذهاب التوكّل لها من حيث إنه بالتوكّل على الله تعالى يرفع أثرها كما هو مقتضى كثير من الأخبار ، فيعلم أن تأثير المؤثّرات بإرادة الله تعالى ومشيّته ، فليس التأثير من لوازم ذاتها.
وهذا مثل تأثير العين الوارد لرفعه والحفظ عنه المعوّذات المأثورة حتى في باب تأثيرها في صاحبها كما ربّما نشاهد بالوجدان من تأثير تعجّب الشخص في حقّ نفسه. وكون دفع الحسد واجبا خلقيّا وممّا أكّد عليه في الأخبار أيضا لا ينافي عدم وجوبه شرعا على هذه الأمّة.
فقوله قدسسره في بيان « حكم الطيرة » : « والمراد إمّا رفع المؤاخذة عليها » إلى
__________________
الشيعة ج ١١ / ٣٦٢ باب « استحباب ترك الطيرة ... » ـ ح ٣ ، وأنظر سنن أبي داود : ج ٤ / ١٦٠ ـ ١٦١٤.
(٤) أقول : وفي تقريرات السيّد المجدّد الشيرازي قدسسره :
« الضمير إمّا راجع إلى الطّيرة فالمعنى : يذهب الطيرة التوكل ، وإما إلى الشرك المخصوص فالمعنى : أنّه إنّما يذهب الشرك ـ وهو الطّيرة ـ التوكل.
وكيف كان : الطيرة شرك إن اعتقد انّه المؤثّر الحقيقي في الأمور ، لا الواسطة كالخواص المترتّبة على الأشياء كالحموضة والحلاوة والسمنيّة والترياقيّة وغير ذلك » إنتهى.
أنظر تقريرات المجدد الشيرازي ١ : ج ٤ / ٣٨.