أقول : لا إشكال فيما أفاده : من عدم جواز إرادة وجوب الاحتياط من الرواية وإن كان الأمر بحسب الهيئة ظاهرا فيه ؛ نظرا إلى أن حمله عليه يوجب التخصيص في الرواية بإخراج ما اتّفق الفريقان على عدم وجوب الاحتياط فيه وهي آبية عن التخصيص جدّا ؛ نظرا إلى جعل الدّين بمنزلة الأخ وحمله عليه ، فكيف يعقل ارتكاب التخصيص فيها؟ فلا بد من أن يلتزم بإرادة ما لا ينافيه التنزيل المذكور في الرواية من الطلب الشرعي القدر المشترك بين الوجوب والاستحباب ، فلا يلزم هناك تخصيص أصلا ، أو الإرشادي القدر المشترك فلا ينافي وجوبه أيضا في بعض الموارد وعدمه في بعض آخر ؛ فإنه إذا جامع الطلب مع الإرشاد على ما هو الحق الواضح عندنا ، فلا محالة يوجد له قدر مشترك بين القسمين كما لا شبهة في وجود القسمين ؛ نظرا إلى ما أفاده قدسسره في « الكتاب » بقوله :
« لأنّ تأكّد الطلب الإرشادي ... الى آخره » (١).
وأمّا التشبيه بالأمر في أوامر الإطاعة في الكتاب والسنّة ـ حيث إن المراد منه الطلب الإرشادي القدر المشترك الجامع لجميع موارد الأحكام الاقتضائية ـ
__________________
على الدّين ، بل الإعراض عنه خروج عن الدين.
وبما حققناه يظهر فساد التمسّك بجميع ما يدلّ على الإحتياط في الدين فإنّه ممّا لا نزاع فيه ولكن الرّكون إلى هذا الأصل بعد الفحص لا ينافيه وإلاّ لكان تركه في الشبهة الوجوبيّة أيضا كذلك ، وأطالوا في الذبّ عنها بما لا طائل تحته » إنتهى. أنظر محجة العلماء : ج ٢ / ١٤.
(١) فرائد الأصول : ج ٢ / ٨٠.