من النبات كالخشب ، والمادة المشتركة المعبّر عنها بالهيولى وإن كانت محفوظة ، إلا أنّه قد استحال وتبدلت صورته النوعية وانتقل إلى حقيقة أُخرى ، فهو بالفعل مباين مع أصله ذاتاً وصفة ، ولذا لو كان نجساً سابقاً يحكم بطهارته من جهة الاستحالة ، لانعدام الموضوع السابق وحدوث موضوع جديد ، فلا يصدق عليه فعلاً عنوان الأرض ولا نبتها ، فيشمله عموم المنع ، وهذا ظاهر جدّاً.
وأما الفحم ، فهو وإن كان يفترق عن الرماد في عدم تحقق الاستحالة في مورده ولذا لا يحكم بطهارة الحطب المتنجس بصيرورته فحماً لعدم تغيّره عما هو عليه بحسب الذات كما في الرماد ، إلا أنه مع ذلك لا يصح السجود عليه ، لتغيّر وصفه المقوّم لعدّه من النبات في نظر العرف.
وبالجملة : تغيّر الوصف العنواني لا يستوجب تبدّلاً في الصورة النوعية وانقلاباً في الذات والماهية الذي هو مناط الاستحالة ، ولذا لا يطهر الماء المتنجس بصيرورته ثلجاً ، فإنه ماء منجمد لا حقيقة أُخرى ، فالذات باقية غايته أنّ صفة الميعان المقوّمة لهذا العنوان قد تغيّرت وتبدّلت ، ولذا ترتفع الأحكام المترتبة على العنوان بزواله ، كالاعتصام المترتب على الكر من الماء ، فانّ موضع الملاقاة ينفعل عند صيرورة الكرّ منه ثلجاً ، لعدم صدق الماء حينئذ عنواناً وإن لم ينعدم ذاتاً.
وعليه فلا منافاة بين بقاء النجاسة وعدم جواز السجود عند صيرورة الحطب فحماً ، إذ العبرة في الأوّل ببقاء الذات في نظر العرف وعدم التبدل إلى حقيقة أُخرى ، فلا يحكم بالطهارة إلا عند الاستحالة وانقلاب الموضوع ذاتاً وصفة ، بحيث يعدّ موضوعاً جديداً مبايناً مع أصله ، وليس الفحم كذلك ، لبقاء ذات الحطب بحاله ، فإنه خشب محترق. وأمّا في الثاني فمناطه تبدل وصفه المقوّم ، وحيث إنّ الفحم لا يتصف فعلاً بصفة الحطبيّة لا يعدّ من النبات ، وإن كانت الذات باقية فلا يصح السجود عليه.