عليه ويدلُّ عليه مضافاً إلى إطلاقات الأدلة ، بعد وضوح عدم خروج الطين عن مفهوم الأرض ، فإنه تراب ممزوج مع الماء ، فهو أرض رطبة ، فيندرج تحت إطلاق الأدلة مفهوم موثقة عمار المتقدمة آنفاً ، إذ المفروض هنا عدم استغراق الجبهة وحصول الثبوت على الأرض.
الثالث : لو سجد على الطين أو التراب أو التربة الحسينية ( على مشرفها السلام ) فلصق بجبهته ، حكم قدسسره بوجوب إزالته للسجدة الثانية ، وهذا هو المعروف ، وكأنّ الوجه فيه أنّه بعد اللصوق لا يصدق وضع الجبهة على الأرض ، لحيلولة الطين مثلاً بينهما ، وإنما يصدق وضع الطين عليها دون الجبهة نفسها فإنها كانت موضوعة حال اللصوق ، ولا بدّ من إحداث هذا العنوان المنفي في المقام ، فإنه إبقاء لما كان لا إحداث للسجود.
أقول : مجرد اللصوق ليس من السجود في شيء ، فإنه متقوم بالوضع المتوقف على الاعتماد ، فقبل وضع الجبهة بما عليها من الطين على الأرض لا سجود ، وإنما هناك مجرد اللصوق بجزء من أجزاء الأرض ، وبعد وضع المجموع على الأرض أو على غيرها وإن لم يصح السجود عليه يتحقق اعتماد الجبهة على الطين ، فيتحقق السجود حينئذ ويحدث بعد ما لم يكن.
والحاصل : أنّا لا نضايق من اعتبار الأحداث في امتثال الأمر بالسجود وغيره من سائر الأفعال ، ولا يجزئ الإبقاء ، ومن هنا استشكلنا في صحة الوضوء أو الغسل الترتيبي بمجرد التحريك تحت الماء كما مرّ في محله (١). لكن الإحداث متحقق في المقام من دون حاجة إلى الإزالة ، فكما أنّا لو ألصقنا أحد الجسمين بالآخر ووضعنا المجموع على الرف يصدق معه حدوث وضع الجسم الفوقاني على التحتاني بعد أن لم يكن موضوعاً عليه ، بل كان مجرد اللصوق معه ، فكذا في المقام لا يصدق وضع الجبهة على الطين أو التراب أو
__________________
(١) شرح العروة ٥ : ١٠٢ ، العروة ١ : ٢٠٠ / ٦٦٤.