ولا يجزئ عنه إلا الإتيان بالأذان والإقامة معاً ، ولا دلالة في الصحيحة على تعيّن شيء من الاحتمالين ، فلا يستفاد منها أكثر من الاستحباب.
هذا ، ومع الغض وتسليم دلالة الأخبار المتقدمة على الوجوب ، فيكفي في رفع اليد عنه ما دل على عدم الوجوب في مورد الجماعة المقتضي للزوم الحمل على الاستحباب جمعاً ، كموثقة الحسن بن زياد قال : « قال أبو عبد الله عليهالسلام : إذا كان القوم لا ينتظرون أحداً اكتفوا بإقامة واحدة » (١) فان القدر المتيقن من موردها الجماعة كما لا يخفى.
ونحوها صحيحة علي بن رئاب قال : « سألت أبا عبد الله عليهالسلام قلت : تحضر الصلاة ونحن مجتمعون في مكان واحد أتجزئنا إقامة بغير أذان؟ قال عليهالسلام نعم » (٢) ومعلوم أنّ موردها الجماعة.
وأمّا بالنسبة إلى صلاة الصبح والمغرب : فقد استدل لوجوب الأذان أيضاً بعدة أخبار :
منها : صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام « أنه قال : أدنى ما يجزئ من الأذان أن تفتتح الليل بأذان وإقامة ، وتفتتح النهار بأذان وإقامة ، ويجزئك في سائر الصلوات إقامة بغير أذان » (٣).
وفيه : أنّها قاصرة عن الدلالة على الوجوب ، لكونها مسوقة لبيان أقلّ مراتب الوظيفة ، وأدنى ما يجزئ عنها ، من دون تعرض لحكم تلك الوظيفة من كونها على سبيل الوجوب أو الاستحباب ، فإنّ الأجزاء أعمّ من ذينك الأمرين كما لا يخفى.
فحاصل الصحيحة : أنّ من يريد التصدي لتلك الوظيفة المقرّرة في الشريعة ، فالمرتبة الراقية أن يؤذّن ويقيم لكل فريضة ، ودونها في المرتبة أن يأتي بهما في صلاة الغداة والمغرب ، وهذا كما ترى لا دلالة له على الوجوب بوجه.
__________________
(١) ، (٢) الوسائل ٥ : ٣٨٥ / أبواب الأذان والإقامة ب ٥ ح ٨ ، ١٠.
(٣) الوسائل ٥ : ٣٨٦ / أبواب الأذان والإقامة ب ٦ ح ١.