وأما المضطر إلى الصلاة في المكان المغصوب فلا إشكال في صحة صلاته (١)
______________________________________________________
بالبرهان المتقدم ، وأما إشغال الأرض فتغيره بذلك غير قابل للإنكار.
قلت : التصرف في الأرض الذي هو أمر في قبال الاستيلاء والإتلاف كما مرّ لا نعقل له معنى عدا إشغال الفضاء المجاور لها الذي لا يختلف الحال فيه ولا يتغير عما هو عليه باختلاف الطوارئ ، والهيئات باعتراف الخصم ، وأما مجرّد المماسة مع سطح الأرض فهي وإن اختلفت سعة وضيقاً ولم تكن من لوازم الكون كما ذكر لكنها بما هي مماسة لا تعدّ تصرفاً في الأرض بالضرورة وإلاّ لزم على المحبوس اختيار الوقوف على الجلوس مهما أمكن ، بل اختيار الوقوف على إحدى قدميه بقدر الإمكان تقليلاً للمماسة ، وليس كذلك قطعاً كما لا قائل به أصلاً.
وبالجملة : المتصرف في الأرض يتحقق معه أُمور ثلاثة : إشغال الفضاء ، وكون ثقله على الأرض ، ومماستها ، ومحقق التصرف هما الأوّلان ، والمفروض عدم تغيرهما عما هما عليه باختلاف الهيئات كما ذكر ، وأما الأخير فهو بمعزل عن الدخل في صدق التصرف كما لا يخفى.
والذي يكشف عن ذلك : أنه لو ركب على الدابة المغصوبة في الأرض المباحة فإن التصرف المحقق للغصب حينئذ إنما هو بجعل ثقله على الدابّة الذي لا يختلف الحال فيه بكونه قائماً عليها أو جالساً أو ساجداً أو نائماً. وأما المماسة فهي وإن اختلفت سعة وضيقاً باختلاف هذه الأفعال لكنها لا تعدّ عرفاً تصرفاً زائداً على الكون عليها بحيث يكون ممنوعاً عن السجود مثلاً زائداً على الكون لزعم أنه إحداث لمماسة زائدة.
والمتحصل من جميع ما ذكر : وجوب الصلاة على المحبوس اختياراً فيما إذا لم يلزم منها تصرف زائد لإباحة السجود له حينئذ ، وإلا فإيماءً.
(١) ربما يقال بعدم الفرق بين المضطر والمحبوس ، إذ الثاني من مصاديق