الفعلي ودخل الاستئذان في تحقّقه. فمثل هذا التقدير الذي يتخلل بين المقدّر والمقدّر عليه شيء آخر وراء الالتفات الى الموضوع لا دليل على كفايته في جواز التصرّف ، فلا يقاس ذلك على الرضا التقديري بالمعنى الأوّل كما لا يخفى.
ونحوه ما إذا كان في التصرف مصلحة للمالك ولم يعلم بها فلم يأذن ، بحيث لو كان عالماً بها لإذن ورضي بالتصرّف ، فمثله أيضاً لا يجدي لكون العلم بالصلاح من مبادئ فعلية الرضا كالاستئذان في المثال المتقدم ، ولا دليل على كفاية الرضا التقديري بهذا المعنى كما عرفت.
الجهة الثالثة : إذا كان تصرف واحد مصداقاً لرضا المالك وكراهته الفعليين بعنوانين فعورض أحدهما بالآخر ، فانّ هذا أمر ممكن في نفسه إذا كان المالك جاهلاً بانطباق أحد العنوانين ، كما لو منع عن دخول زيد في الدار لاعتقاد أنه عدوّه وهو في الواقع أبوه مثلاً وهو راضٍ بدخول الأب ، أو بالعكس بأن إذن باعتقاد أنه أبوه وفي الواقع عدوّه وهو كاره لدخول العدوّ ، فهل يحكم حينئذ بجواز الدخول في كلتا الصورتين فلا يلزم على الداخل في الصورة الأُولى إعلام المالك بأنه أبوه كي يتحقق منه الرضا الفعلي بشخصه ، أو يفصّل بين الصورتين فيخص الجواز بالثانية دون الاولى عملاً بما صدر منه من الاذن أو المنع؟
الأقوى هو الأول ، فإن المناط في جواز التصرف هو الرضا والطيب كما تضمّنه موثق سماعة على ما عرفت ، ولا عبرة بالإذن عدا كونه كاشفاً وطريقاً إليه.
وعليه ، فالمالك وإن لم يصدر منه في الصورة الأُولى إذن ، بل هو كاره بالفعل حسب اعتقاده ، لكنه راضٍ بالفعل أيضاً بدخول أبيه ، غير أنّه جاهل بانطباق هذا العنوان على زيد الداخل ، بحيث لو علم به والتفت إلى الانطباق لرضي بدخوله وتحقق منه الطيب بالنسبة إليه ، ونتيجة ذلك أنه راض بدخول زيد برضا تقديري بحيث لا يتوسّط بينه وبين الرضا الفعلي عدا التفاته إلى