العرف الاذن فيه من نفس الإذن الأول ، لما يرى أنه من شؤونه وتوابعه كما هو كذلك في المثال فهو ملحق بالقسم السابق ، أعني استكشاف الاذن بمعونة الفهم العرفي من باب الملازمة العادية ، فلا يعتبر معه العلم بالرضا أيضاً ، كما عرفت سابقا ، ولعل فتح المضائف من هذا القبيل.
وإن لم يكن كذلك كما في فتح مجالس التعازي حيث لم يظهر منه إلا الاذن في الحضور لاستماع التعزية ، وليست الصلاة من لوازمه العادية ، فإن كانت هناك قرائن وشواهد توجب العلم برضا المالك فلا إشكال ، لعدم اعتبار الإذن إلا من حيث كونه طريقاً لاستكشاف الرضا ، والمفروض إحرازه ولو من طريق آخر.
إنما الإشكال فيما إذا لم توجب تلك الشواهد أكثر من الظن ، فان فيه خلافاً بين الأعلام ، فذهب جمع كثير إلى اعتبار العلم في شاهد الحال فلا يعوّل عليه بدونه ، واختار آخرون الاكتفاء بمطلق الظن ، بل قيل بجواز الصلاة في كل موضع لا يتضرر المالك ، وكان المتعارف عدم المضايقة في أمثاله ما لم تكن هناك أمارة على الكراهة.
وصاحب الحدائق (١) بعد أن أسند الاكتفاء بالظن إلى المشهور أيّده بما روي عنه صلىاللهعليهوآله : « جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً » (٢) بدعوى أنّ المناسب لسعة الامتنان الاكتفاء بمجرد الظن.
وهذا كما ترى ، ضرورة أنّ الرواية ليست إلا بصدد بيان الحكم الطبيعي ، وأنّ كل أرض فهو صالح في نفسه لإيقاع الصلاة فيه ، وأنّ الله تعالى وسّع على هذه الأُمة المرحومة ولم يضيّق عليهم بالإلزام بإيقاعها في مكان خاص ، كما كان كذلك في بعض الأُمم السالفة ، وليست في مقام بيان الحكم الفعلي كي يستفاد منه إلغاء شرطية الإباحة أو الطهارة ، كما يفصح عنه عطف الطهور على المسجد ، إذ لا إشكال في اعتبارهما في طهورية الأرض ، فكذا في مسجديته.
__________________
(١) الحدائق ٧ : ١٧٦.
(٢) الوسائل ٣ : ٣٥٠ / أبواب التيمم ب ٧ ح ٢.