الوقت ، ولم يتعرض قدسسره هناك لبيان المراد من الضيق ، وأنه هل هو عدم درك تمام الصلاة في الوقت ، أو حتى بمقدار ركعة منها ، فعقد هذه المسألة وتصدى فيها لبيان أن المراد هو الأول ، حيث قال إنه لو دار الأمر بين الصلاة حال الخروج من المكان الغصبي بتمامها في الوقت ، وبين الصلاة الاختيارية بعد الخروج وإدراك ركعة أو أزيد ، تعيّن الأول ، وعلّله قدسسره بأهمية الوقت ، فمراعاته أولى من مراعاة الاستقرار والاستقبال والركوع والسجود الاختياريين.
أقول : ما أفاده قدسسره مطابق لما هو المشهور بين الأعلام ومنهم شيخنا الأُستاذ (١) قدسسره من إدراج المقام وأمثاله مما دار الأمر فيه بين ترك أحد جزأي الواجب أو أحد شرطية ، أو أحد المختلفين في باب التزاحم ، ومن هنا راعوا قواعد هذا الباب ، وأعملوا مرجحاته التي منها الترجيح بالأهمية القطعية أو الاحتمالية.
لكنا ذكرنا غير مرّة في مطاوي هذا الشرح وبينّا في الأُصول (٢) أنّ أمثال المقام من المركّبات الارتباطية أجنبية عن باب المزاحمة بالكلية وداخلة في باب التعارض ، لعدم انطباق ضابط الباب عليها ، فان المدار فيه على وجود تكليفين مستقلين نفسيين وجوبيين أو تحريميين أو مختلفين بحيث كان لكل منهما طاعة وعصيان بحياله ، وقد عجز المكلف عن الجمع بينهما في مقام الامتثال كما في إنقاذ الغريقين ونحوهما.
وأما في باب المركبات الجعلية كالصلاة فليس هناك إلا أمر وحداني متعلق بالمجموع المركب من عدّة أجزاء وشرائط ليس له الا امتثال واحد وعصيان فأرد ، كما أنّه ليس في البين عدا ملاك واحد قائم بالمجموع بما هو مجموع.
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٢٨١.
(٢) محاضرات في أصول الفقه ٣ : ٢٩٣ ، ١٠٠.